تحكُّه من ثوبه عليه الصلاة والسلام في حال كونه في الصلاة، وإذا كان الأمر كما ذُكر احتمل تخلُّل الغسل بين الفَرْك والصلاة.
وحملت المالكية ما ورد من فرك اليابس في الأحاديث على إرادة التخفيف ثم الغسل بعد ذلك كما مرَّ، أو على أن ذلك كان في ثوب النوم المتَّخذ له من غير أن يصلي فيه، والنوم في الثوب النجس لا بأس به.
وقالت الحنفية: أحاديث الغسل تدُل على نجاسة المني وعلى وجوب غسله، ولكن خُصَّ تطهير اليابس منه بالفرك بأحاديث الفرك، وأورد عليهم أنه إذا كان نجسًا كان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره، وهم لا يكتفون فيما لا يُعفى عنه من الدم بالفرك، وأن ما لا يجب غسلُ يابسه لا يجب غسل رطبه كالمخاط.
وأجابوا عن الأول بأنه لم يأت نص بجواز الفرك في الدم ونحوه، وإنما جاء في يابس المني على خلاف القياس، فيُقتصر على مورد النص.
وعن الثاني بأن المخاط لا يتعلّق بخروج حدث ما أصلًا، والمني موجب لأكبر المحدثين وهو الجنابة، فإن قلت: سقوط الغسل في يابسه يدل على الطهارة، فالجواب: لا نسلم ذلك كما في موضع الاستنجاء.
واستدل بعض القائلين بطهارته بأنه أصل الأنبياء والأولياء فيجب أن يكون طاهرًا، ورُد بأنه أصل الأعداء أيضًا كفرعون والنمرود وهامان وغيرهم، وبأن العلقة أقرب إلى الإِنسان من المني، وهي أيضًا أصل الأنبياء عليهم السلام، ومع هذا لا يقال: إنها طاهرة.
وأجاب بعضهم عن الاستدلال بحديث الفرك على طهارة المني، بأن منيَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- طاهر دون غيره كسائر فضلاته. وأجيب عن هذا بأنه على تقدير صحة طهارة منيِّه عليه الصلاة والسلام، يقال: إن منيَّه كان عن جماع، فيخالط مني المرأة، فلو كان منيُّها نجسًا لم يُكتفَ فيه بالفرك، وبهذا احتج الشيخ الموفق وغيره على طهارة رطوبة فرجها. ومن قال: إن المني لا يسلم من المذي