للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله في زماننا، كما خصَّ الزبير رضي الله تعالى عنه بلبس الحرير لحكة كانت به، أو للقمل، فجعلوا هذا من الخصائص لأولئك النفر.

ويكفي في بطلان ما قالوه ما مر عن ابن المنذر، من أن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وأين الدليل على ذلك، ومن أين لهؤلاء النفر الأرذال أن تكون لهم خصيصة، هذا بعيد جدًّا وما نظروا به من مسألة الزبير في لباس الحرير غير موافق، فإن ما أبيح للزبير عام له ولغيره من كل من كان فيه ما فيه من الحكة.

وقد وردت أحاديث تدل على عموم الطهارة في فضلات ما يُؤكل لحمه، منها ما أخرجه الدارقطني عن جابر رضي الله تعالى عنه مرفوعًا: "ما أُكل لحمه فلا بأس ببوله" لكنه ضعفه. ومنها الحديث الصحيح الوارد في غزوة تبوك: "فكان الرجل ينْحَرُ بعيره، فيعصر فرثه، فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده". قال ابن خزيمة: لو كان الفرث نجسًا إذا عصره، لم يجز للمرء أن يجعله على كبده.

وقوله: "فلما صحُّوا" فيه حذف تقديره، فشربوا من أبوالها وألبانها، فلما صحّوا، وثبت ذلك في رواية أبي رجاء، وفي رواية: "وسمِنوا، ورجعت إليهم ألوانهم".

وقوله: "قتلوا راعي النبي"، ولابن عساكر: "رسول الله"، وهو يسار النُوبي، قال ابن إسحاق: أصابه في غزوة بني ثعلبة، فرآه يحسنُ الصلاة، فأعتقه وبعثه في لقاح له بالحَرَّة، فكان بها إلى أن قُتل، وذلك انهم لما عَدَوا على اللقاح أدركهم ومعه نفر، فقاتلهم، فقطعوا يده ورجله، وغرزوا الشوك في عينيه ولسانه حتى مات، ذكره ابن سعد في "الطبقات".

ولم تختلف روايات البخاري في أن المقتول راعيه عليه الصلاة والسلام، ولا في ذكره بالإِفراد، وكذا عند مسلم، لكن عنده عن أنس: "ثم مالوا على الرعاة، فقتلوهم" بصيغة الجمع، ونحوه لابن حبان، فيحتمل أن إبل الصدقة كان لها رُعاة، فقتل بعضهم مع راعي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاقتصر بعض الرواة على راعيه عليه الصلاة والسلام، وذكر بعضهم معه غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>