أن يُراد بها أقل الجمع، وهو اثنان كما عند بعضهم؛ لأن لكل واحد منهم يدين، وإما أن يراد التوزيع عليهم، بأن يُقطع من كل واحد منهم يدًا واحدة، والجمع في مقابلة الجمع يدل على التوزيع، والاحتمال الأول ترده رواية الترمذي:"من خلاف"، وللمصنف من رواية الأوزاعي:"ولم يحسمهم" أي: لم يَكْوِ ما قُطع منهم بالنار، لينقطع الدم، بل تركه ينزف.
وقوله:"وسُمِرت أعينهم" بضم السين وتخفيف الميم، وفي رواية بتشديدها، ولم تختلف روايات البخاري في أنه بالراء. وعند مسلم:"سُمِلت" بالتخفيف واللام مبنيًّا للمفعول، ومعنى سُمِرت: كحِّلوا بمسامير، قد أُحميت، والسَّمْل: فقء العين بأي شيء كان، قال أبو ذُؤيب:
والعينُ بعدَهُمُ كأنَّ حِداقَها ... سُمِلتْ بشوكٍ فهي عُورٌ تدمعُ
والسَّمْر لغة في السَّمْل، ومخرجهما متقارب، وإنما فُعل هذا بهم قصاصًا، لأنهم سملوا عيني الراعي كما مر، وليس من المُثْلة المنهي عنها.
وقوله:"وأُلقوا في الحَرَّة" بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول، والحرَّة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء أرض ذات حجارة سود، كأنها أحرقت بالنار بظاهر المدينة المنورة، وكانت بها الوقعة المشهورة أيام يزيد بن معاوية، وإنما أُلقوا فيها لأنها قرب المكان الذي فعلوا فيه ما فعلوا.
وقوله:"يَستَسْقون فلا يُسقَوْن" بفتح أول الأول وضم أول الثاني، أي: يطلبون السقي فلا يُسقون، زاد وهيب والأوزاعي:"حتى ماتوا"، وله في الطب عن أنس:"فرأيت رجلًا منهُم يكدُمُ الأرض بلسانه حتى يموت"، ولأبي عَوانة:"يكدُم الأرض ليجِدَ بردَها من الحرِّ والشِّدة".
وزعم الواقِدي أنهم صُلبوا، والروايات الصحيحة ترده، لكن عند أبي عَوانة عن أنس:"فصلبَ اثنين، وقطع اثنين، وسمل اثنين" فذكر ستة فقط، فإن كان محفوظًا فعقوبتهم كانت موزعة.