ومال جماعة منهم ابن الجوزي إلى أن ذلك وقع عليهم على سبيل القصاص، لما عند مسلم عن أنس: إنما سمل النبي -صلى الله عليه وسلم- أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة. وقَصَّر من اقتصر في عزوه للترمذي والنسائي.
وتعقبه ابن دقيق العيد بأن المثلة في حقهم وقعت من جهات، وليس في الحديث إلا السَّمْل فيحتاج إلى ثبوت البقية.
والجواب أنهم تمسكوا بما مر عن ابن سعد ونقله أهل "المغازي" من أنهم مثلوا بالراعي، وذهب آخرون إلى أن هذا نُسِخَ.
قال ابن شاهين عقب حديث عِمران بن حُصَيْن في النهي عن المثلة: هذا الحديث ينسخ كل مثلة.
وتعقبه ابن الجوزي بأن ادعاء النسخ يحتاج إلى تأريخ.
والجواب عنه أنه يدل عليه ما رواه البخاري عن أبي هُريرة في الجهاد من النهي عن التعذيب بالنار بعد الإذن فيه، وقصة العُرَنيّين قبل إسلامه، وقد حضر الإذن ثم النهي.
وقد روى قَتادة عن ابن سِيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود.
ولموسى ابن عقبة في "المغازي" ذكروا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى بعد ذلك عن المثلة الآتية في سورة المائدة، وإلى هذا مال البخاري، وحكاه إمام الحرمين عن الشافعي.
واستشكل القاضي عِياض عدم سقيهم الماء، مع الإجماع على أن من وَجَبَ عليه القتل فاستقى لا يُمنع، وأجاب بأن ذلك لم يقع بأمر من النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا وقع منه نهي عن سقيهم. وهو مردود؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اطلع على ذلك، وسكوته كاف في ثبوت الحكم.
وأجاب النووي بأن المحارب المرتد لا حرمة له في سقى الماء ولا في