للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظهر من مجموع ما أورده المصنف في الباب من حديث أو أثر. ثم ذكر تعاليق فقال:

وقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا بأْسَ بالماءِ ما لَمْ يُغَيِّرْهُ طَعْمٌ أوْ رِيحٌ أوْ لَوْنٌ.

أي: لا حرج في استعماله في كل حالة، فهو محكوم بطهارته، ما لم يغيره طعم، أي: من شيء نجس، أو ريح منه، أو لون.

ولفظ يونس عن الزهري: كل ما فيه قوة عما يصيبه من الأذى، حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا ريحه فهو طاهر.

ومقتضى هذا أنه لا فرق بين القليل والكثير إلا بالقوة المانعة للملاقي أن يغيِّر أحد أوصافه، فالعبرة عنده بالتغيُّر وعدمه.

ومذهب الزهري هذا قال به طوائف من العلماء، منهم الحسن، والنخعي، والأوزاعي، وهو مذهب أهل المدينة، والرواية المشهورة عن مالك، وروي عنه أن قليل الماء وهو آنية وضوء أو غسل ينجُس بقليل النجاسة، وإن لم تغيره.

ويوافق أثرُ الزهري حديثَ أبي أُمامة المرفوع: "إن الماء لا ينجِّسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه"، أخرجه ابن ماجه والطبراني، وأخرجه الدارقطني عن ثَوْبان بلفظ: "الماء طهور لا ينجِّسه إلا ما غلب على ريحه أو لونه"، وتُكُلِّم في هذا الحديث لأن في سنده رِشْدين بن سعد، وهو متروك، ولكنه روي عن غيره. وقال البيهقي: الحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة خلافًا.

قلت: ويعضُده حديث: "إن الماء طهور لا ينجسِّه شيء" بلفظ الترمذي، وقال: حديث حسن، ولفظ أحمد وابن خُزيمة وابن حِبان: "الماء لا ينجِّسه شيء، ولفظ أصحاب "السنن": "إن الماء لا يَجْتَنب"،

<<  <  ج: ص:  >  >>