القرآن بعد الحدث وغيره في السابع والأربعين من كتاب الوضوء.
وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن معمر عنه.
وقَالَ الزُّهْرِيُّ في عِظام المَوْتَى نَحْو الفِيلِ وغَيْرهِ أَدْرَكْتُ ناسًا مِنْ سَلَفِ العُلمَاءِ يَمْتَشِطُون بها ويَدَّهِنُونَ فِيها لا يَرَوْن بِهِ بَأَسًا.
وقوله:"نحو الفيل" أي: مما هو محرم الأكل عند بعض العلماء، ومكروه عند بعضهم.
وقوله:"أدركت ناسًا" أي: كثيرًا، فالتنوين للتكثير.
وقوله:"يمتشطون بها" أي: بعظام الموتى، بأن يصنعوا منها مِشْطًا، ويستعملوها.
وقوله:"ويدَّهنونَ فيها" أي: في عظام الموتى، بأن يصنعوا منها آنية، يجعلون فيها الدهن، ويدَّهنون: بتشديد الدال من باب الافتعال، ويجوز ضم أوله وإسكان الدال.
وقوله:"لا يرون به بأسًا" أي: حرجًا، وهذا يدل على أنهم كانوا يقولون بطهارته، فلو كان نجسًا عندهم ما استعملوه امتشاطًا وادّهانًا، وحينئذ فإذا وقع عظم الفيل في الماء لم ينجس بناء على القول بعدم نجاسته، وهو مذهب أبي حنيفة بناء على أنه لا تحلُّه الحياة، ومذهب الشافعي أنه نجس بناء على أنه تحلُّه الحياة، لقوله تعالى: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٨، ٧٩] قال في "الفتح": وعند المالكية أن عظم الفيل يطهُر إذا ذُكِّي، بناء على قول مالك أن غير المأكول يطهر بالتذكية. قلت: هذا كله غير جار على مشهور مذهب مالك، فإن مشهور مذهبه أن ما لا يُؤكل لا يطهُر شيء منه بالتذكية، ومشهور مذهبه أن الفيل مكروه الأكل لا محرمه، ومشهور مذهبه أن عاج المذكّى وعظمه طاهران، وغير المذكّى في عاجه قولان بكراهة التنزيه والحرمة، لتعارض مقتضى التنجيس، وهو جزئية الميتة ومقتضى