يومئذٍ"، وإنما استحقّوا الدعاء حينئذ لما أقدموا عليه من التهكُّم حال عبادته لربه، وإلا فحِلْمه عليه الصلاة والسلام عمَّن آذاه لا يَخْفى.
وقوله: "قال: فوالذي نفسي بيده" أي: ابن مسعود، والمراد باليد هنا القدرة، وفي رواية مسلم: "والذي بعث محمدًا بالحقِّ"، وللنسائي: "والذي أَنْزَلَ عليه الكتاب"، وكان عبد الله قال كل ذلك تأكيدًا.
وقوله: "صرعى في القليب" جمع صَريع، بمعنى مصروع، مفعول ثان لرأيت. والقَليب بفتح القاف آخره موحدة هو البئر التي لم تُطو، وقيل: العادية القديمة التي لا يُعرف صاحبها. وفي رواية إسرائيل: "لقد رأيتهم صَرْعى يوم بدرٍ، ثم سُحِبوا إلى القليب قليب بدرٍ، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وأُتبع أصحاب القليب لعنةً" وهذا يُحتمل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه عَلَم عظيم من أعلام النبوة، ويحتمل أن يكون قاله عليه الصلاة والسلام بعد أن ألقوا في القليب.
وزاد شعبة في روايته: "إلا أمية بن خَلَف، فإنه تقطّعت أوصاله لأنه كان بادنًا".
وإنما أمر بإلقائهم في البئر تحقيرًا لشأنهم، ولئلا يتأذّى الناس برائحتهم، وإلا فالحربي لا يجبُ دفنه.
قلت: مذهبنا معاشر المالكية أن الكافر مطلقًا حربيًّا أو غيره تجب مواراته إذا خيفت ضيعته.
وقوله: "قليب بدر" بالجر على البدلية، ويجوز الرفع بتقدير هو، والنصب بتقدير أعني، لكن الرواية بالجر، والظاهر أن البئر لم يكن فيها ماء معين.
وأخرج ابن إسحاق هذا الحديث في "المغازي"، وزاد في آخره قصة أبي البَخْتَرى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في سؤاله إياه عن القصة، وضربه لأبي جهل، وشجه إياه. والقصة مشهورة في السيرة، وأخرجها البّزار عن أبي إسحاق، وأشار إلى