وفي الحديث دِلالة على أن من حدث له في صلاته ما يمنعُ انعقادها ابتداء لا تبطُل صلاته ولو تمادى، فلو كانت نجاسة فأزالها في الحال ولا أثر لها صحت صلاته اتفاقًا، وعلى هذا يُنْزَل كلام المؤلف.
وأجاب الخطابي بأنه لم يكن إذ ذاك حُكْمٌ بنجاسة ما أُلقي عليه، كالخمر، فإنهم كانوا يُلاقون بأبدانهم وثيابهم الخمر قبل نزول التحريم.
واستُدل به على طهارة فَرْث ما يؤكل لحمه.
ورُدَّ بأن الفرث لم يُفرد بل كان مع الدم، وهو نجس اتفاقًا.
وأجيب بأن الفرث والدم كانا داخل السَّلَى، وجلدة السلى الظاهرة طاهرة، فكان كحمل القارورة المرصَّصة.
وتُعُقِّب بأنها ذبيحة وَثَنيٍّ فجميع أجزائها نجسة؛ لأنها ميتة.
وأجيب بأن ذلك كان قبل التعبد بتحريم ذبائحهم.
وتعُقِّب بأنه يحتاج إلى تأريخ، ولا يكفي فيه الاحتمال.
قلت: يجاب عن هذا بأن الأحكام معلوم أنها ما نزلت إلا بالمدينة. وقالَ النووي: الجواب المرضي أنه عليه الصلاة والسلام لم يعلم ما وُضع على ظهره، فاستمرَّ في سجوده استصحابًا لأصل الطهارة.
ورُدَّ بأنه يُشكل على مذهبه من وجوب الإعادة في هذه الصورة.
وأجيب بأن الإعادة إنما تجب في الفريضة، فإن ثبت أنها فريضة فالوقت موسَّع، فلعله أعاد.
وتُعقِّب بأنه لو أعاد لنُقِل، ولم يُنْقَل، وبأنه تعالى لا يُقرهُّ على التمادي في صلاة فاسدة، وقد تقدم أنه خلع نعليه وهو في الصلاة لأن جبريل أخبره أن فيهما قذرًا.