وأخرج أبو داود عن علي قال: تقدم عتبة وتبعه ابنه وأخوه، فانتدب شبابٌ من الأنصار، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة" فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلت إلى شيبة، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة. وفي رواية الطبراني زيادة: فلم يعب علينا ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال في "الفتح": وهذا هو أصح الروايات، لكن الذي في السير من أن الذي بارزه علي هو الوليد هو المشهور، وهو اللائق بالمقام؛ لأن عبيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة، بخلاف علي والوليد، فكانا شابَّين.
وأما عُمارة بن الوليد فمرت كيفية موته قريبًا.
وأما أمية بن خلف فقد اختلف أهل السير في قتله، فعند موسى بن عقبة: قتله رجل من الأنصار من بني مازن. وعند ابن إسحاق: أن معاذ بن عفراء، وخارِجة بن زيد، وحبيب بن إساف اشتركوا في قتله. وادعى ابن الجوزي أنه عليه الصلاة والسلام قتله. وفي السير عن عبد الرحمن بن عوف أن بلالًا رضي الله تعالى عنه خرج إليه ومعه نفر من الأنصار فقتلوه، وكان بدينًا، فلما قُتل انتفخ، فألقوا عليه التراب حتى غيَّبوه، ثم جُر إلى القليب، فتقطع قبل وصوله إليه، وكان من المستهزئين، وفيه نزل قوله تعالى: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)} [الهمزة: ١]، وهو الذي كان يعذِّب بلالًا في مكة.
وأما عُقبة بن أبي مُعَيْط فقتله النبي -صلى الله عليه وسلم- صبرًا بعد رجوعه من بدر بموضع يُقال له: عرق الظبية، وهو من الروحاء، والروحاء على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة. والأصح أنه -صلى الله عليه وسلم- تولى قتله. وقيل: قتله علي. وقيل: عاصم بن ثابت، وكان من المستهزئين. وقيل: لما أراد عليه الصلاة والسلام قتله، قال له: أتقتُلني من بين سائر قريش؟ قال: نعم.