وأخرج الحاكم عن ابن إسحاق قال: قال معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعتهم يقولون -وأبو جهل في مثل الحَرَجَة-: أبو حكم لا يُخلَص إليه، فجعلته من شأني، فعمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة أطنَّت ساقه، وضربني ابنه عكرمة على عاتقه فطرح يدي، قال: ثم عاش معاذ إلى زمن عثمان. قال: ومرَّ بأبي جهل معوِّذ بن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق، ثم قاتل معوِّذ حتى قتل، فمرَّ عبد الله بن مسعود بأبي جهل فوجده في آخر رمق، فقال: أنت أبو جهل! فأخذ بلحيته، قال: وهل فوقه رجل قتلتموه، أو رجل قتله قومه. فهذا الذي رواه ابن إسحاق يجمع بين الأحاديث، لكنه يخالف ما في الصحيح عن عبد الرحمن بن عوف أنه رأى معاذًا ومعاذًا شدَّا عليه جميعًا حتى طرحاه، وابن إسحاق يقول: إن ابن عفراء هو معوِّذ بتشديد الواو، والذي في الصحيح: معاذ، وهما أخوان فيحتمل أن يكون معاذ بن عفراء شهد عليه مع معاذ بن عمرو كما في الصحيح وضربه بعد ذلك معوِّذ حتى أثبته ثم حزّ رأسه ابن مسعود فتجتمع الأقوال كلها وإطلاق كونهما قتلاه يخالف في الظاهر حديث ابن مسعود أنه وجده وبه رمق وهو محمول على أنهما بلغا به بضربهما إياه بسيفهما منزلة المقتول حتى لم يبق به إلاَّ مثل حركة المذبوح وفي تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه.
هذا ما قيل في قتل أبي جهل، وأما عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، فمتفق على أنهم ماتوا يوم بدر بمبارزة علي وحمزة وعُبيدة بن الحارث، واختلفوا في كيفية المبارزة، فعند ابن إسحاق: أن عبيدة وحمزة كانا أسن القوم، فبرز عُبيدة لعتبة، وحمزة لشَيْبة، وعلي للوليد. وعند موسى بن عقبة: برز حمزة لعتبة، وعبيدة لشَيْبة، وعلي للوليد، ثم اتفقا: فقتل علي الوليد، وقتل حمزة الذي بارزه، واختلف عُبيدة والذي بارزه بضربتين، فوقعت الضربة في ركبة عبيدة، فمات منها لما رجعوا بالصفراء، ومال حمزة وعلي إلى الذي بارز عُبيدة، فأعاناه على قتله. ووافق ابن سعد ابن إسحاق في الكيفية، ووافق الحاكم