والذي تسكن إليه النفس على ما تواترت به الأخبار في ترتيب بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- أن زَيْنب الأولى، ثم الثانية رُقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنهن.
وتزوجها علي أوائل المحرم سنة اثنتين، قيل: إنه تزوجها بعد أن ابتنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعائشة بأربعة أشهر ونصف، وبنى بها بعد تزويجه إياها بتسعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا، وكان سن علي إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر. وقيل: تزوجها في رجب سنة مقدمهم المدينة، وبنى بها مرجعه من بدر، ولها يومئذٍ ثمان عشرة سنة.
وفي الصحيح عن علي قصة الشارفية لما ذبحهما حمزة، وكان علي أراد أن يبني بفاطمة. فهذا يدفع قول من زعم أن تزويجه بها كان بعد أحد، فإن حمزة قُتل بأحد.
وولدت له: حسنًا وحُسينًا، ومُحسنًا، وأم كلثوم، وزينب، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وانقطع نسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا منها.
واختُلف في مهره إياها، فقيل: إنه أمهرها دِرْعه، ولم يكن في ذلك الوقت صفراء ولا بيضاء. رُوي عن عكرمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي حين زوَّجه فاطمة:"أعطِها درعَك الحطمية". وعن أبي نُجَيْح عن رجل سمع عليًّا: أردت أن أخطِب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنته، فقلت: والله مالي من شيء، ثم ذكرت صلته وعائدته، فخطبتها إليه، فقال:"وهل عندك شيء؟ " فقلت: لا. قال:"فأين دِرْعُك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا؟ ". قلت: هي عندي. قال:"فاعطِها إيّاها". وقيل: إنه تزوجها على أربع مدّة وثمانين، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل ثلثها في الطيب. وزعم بعض الفقهاء أن الدرع قدَّمها علي من أجل الدخول بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وروى عبد الله بن بُريدة عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة بني علي بفاطمة:"لا تُحِدث شيئًا حتى تلقاني"، فدعا بماء، فتوضأ منه، ثم أفرغه