ووجه مناسبته للترجمة من قوله:"فإن من من ليلتك، فأنت على الفطرة" والمراد بالفطرة السنة.
وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء، وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا في الترمذي، وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن علي أخرجه البزار، وليس واحد منهما على شرط البخاري.
ولهذا الوضوء فوائد منها: أن يبيتَ على طهارة لِئلا يبغتَهُ الموت، فيكون على هيئة كاملة. ويؤخذ منه الأمر بالاستعداد للموت بطهارة القلب؛ لأنه أولى من طهارة البدن. وقد أخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال: قال لي ابن عباس: لا تبيتن إلاَّ على وضوء، فإن الأرواح تُبعث على ما قُبضت عليه. ورجاله ثقات، إلاَّ أن أبا يحيى القتات صدوق فيه كلام. وعن أبي مراية العِجْلي قال: من آوى إلى فراشه طاهرًا، ونام ذاكرًا، كان فراشه مسجدًا، وكان في صلاة وذِكرٍ حتى يسيقظ. وعن طاووس مثله. ويتأكد ذلك في حق المحدث، ولاسيما الجُنُب، وهو أنشط للعود، وقد يكون منشطًا للغسل، فيبيت على طهارة كاملة. ومنها أن يكون أصدق لرؤياه، وأبعد من تلاعب الشيطان به.
وقوله:"ثم اضطجع على شِقّك الأيمن" أي: بكسر المعجمة وتشديد القاف، أي: الجانب، وخُص الأيمن لفوائد منها: أنه أسرع للانتباه؛ لأن القلب متعلق إلى جهة اليمين، فلا يثقُل بالنوم، فيُسرع الإفاقة ليتهجد أو ليذكر الله تعالى، بخلاف الاضطجاع على الأيسر. وقال ابن الجوزي: هذه الهيئة نصَّ الأطباء على أنها أصلح للبدن، قالوا: يبدأ بالاضطجاع على الجانب الأيمن ساعة، ثم ينقلب إلى الأيسر؛ لأن الأول سبب لانحدار الطعام، والنوم على اليسار يهضِم لاشتمال الكبد على المعدة.
ووقع هذا الحديث في هذه الرواية وفي رواية أبي إسحاق المشار لها قريبًا هكذا، وفي رواية العلاء بن المسيِّب عن البراء أنه من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولفظه:"كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا آوى إلى فراشه نام على شِقِّه الأيمن" فتستفاد مشروعية هذا