وفيه الاكتفاء بغسلة واحدة لإزالة النجاسة والغُسل من الجنابة؛ لأن الأصل عدم التكرار، وفيه خلاف. وصحح النووي وغيره أنه يُجزىء، لكن لم يتعيَّن في هذا الحديث أنه كان للنجاسة، بل يُحتمل أنه كان للتنظيف، فلا يدُل على الاكتفاء. وأما دلك اليد بالأرض فللمبالغة فيه، ليكون أنقى.
وأبعد من استدل به على نجاسة المني، أو على نجاسة رُطوبة الفرج؛ لأن الغَسْل ليس مقصورًا على إزالة النجاسة، وقوله في حديث الباب:"وما أصابه من أذى" ليس بظاهر في النجاسة. قلت: هذا مكابرة لا تَخْفى، فإنه صريح في النجاسة لا ظاهر فيها.
واستدل به البخاري على أن الواجب في غُسل الجنابة مرة واحدة.
وعلى أن من توضأ بنية الغسل ثم أكمل باقي أعضاء بدنه لا يُشرع له تجديد الوضوء من غير حدث.
وعلى جواز نفض اليدين من ماء الغُسل، وكذا الوضوء، لما في الروايات الآتية عن ميمونة:"فجعل يَنْفُضُ الماء بيده"، أو:"فانطلق وهو ينفُض يديه"، وفي النهي عنه حديث ضعيف أخرجه ابن حِبّان في "الضعفاء"، وابن أبي حاتم في "العلل" عن أبي هريرة، ولفظه:"لا تنفضوا أيديكم في الوضوء، فإنها مرواحُ الشيطانِ". قال ابن الصلاح: لم أجده. وتبعه النووي. ولو لم يعارضه هذا الحديث الصحيح لم يصح الاحتجاج به.
وعلى استحباب التستر في الغسل، ولو كان في البيت، وقد عقد المصنف لكل مسألة بابًا، وأخرج في الأبواب هذا الحديث بطرق متغايرة عن الأعمش، يزيدُ بعض الرواة عنه ما ليس عند الآخر.
وفيه جواز الاستعانة بإحضار ماء الغسل والوضوء، لقولها في رواية حفص وغيره:"وضعتُ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- غُسلًا"، وفي رواية:"يغتسل به".