سخائه ما ذكره أبو صالح، كاتب الليث عن مالك، قال: كنا على باب مالك بن أنس فامتنع علينا، أي احتجب، فقلنا: ليس هذا يشبه صاحبنا، قال: فسمع مالك كلامنا، فأمر بإدخالنا عليه, وقال لنا: من صاحبكم؟ قلنا: الليث بن سعد، قال: تشبهوني برجل كُتِبَ له في قليل عُصْفُرٍ نَصْبُغُ به ثياب صبياننا، فأنفذ إلينا منه ما صبغنا به ثياب صبياننا، وثياب جيراننا، وبعنا الفضل بألف دينار. وقال قُتيبة بن سعيد: قفلنا مع الليث بن سعد من الإِسكندرية، وكان معه ثلاث سفائن، سفينة فيها مطبخه، وسفينة فيها عياله، وسفينة فيها أضيافه. وقال عبد الله بن صالح: صحبت الليث عشرين سنة، وكان لا يتغذى وحده، ولا يتعشى وحده إلا مع الناس. ومن طريق منصور بن عمار، قال: كنت عند الليث جالسًا فأتته امرأة، ومعها قدح، وقالت له: يا أبا الحارث! إن زوجي يَشتكي، وقد نُعِتَ لنا العسل، فقال: اذهبي إلى الوكيل فقولي له يعطيك مطرًا، والمطر عشرون ومئة رطل؛ فجاء الوكيل يُسارِره بشيء، فقال له الليث: اذهب فأعطِها مطرًا، إنها سألت بقدرها، وأعطيناها بقدرنا. وعن منصور قال: دخلت على الليث، وعلى رأسه خادم، فغَمَزَه، فخرج فضرب بيده إلى مصلاه، فاستخرج منه كيسًا: فرمى بها إلي، وقال لي: يا أبا السري لا تعلم به ابني فتهون عليه، فإذا فيه ألف دينار. وقال أبو حاتم ابن حِبّان: كان الليث لا يتردد إليه أحد إلا أدخله في جملة عياله، ما دام يتردد إليه، وإذا أراد الخروج، زوده بالبغلة إلى وطنه. وقال الترمذي: سمعت قُتيبة، يقول: كان الليث في كل صلاة يتصدق على ثلاث مئة مسكين. وقال الأشهب: كان الليث لا يرد سائلًا.
وقال محمَّد بن رُمْح: كان دخلُ الليث في كل سنة ثمانين ألف دينار، ما أوجب الله عليه درهمًا قط بزكاة. وتال ابن وَهْب: كان الليث يصل مالكًا كل سنة بمئة دينار، وكتب مرة أن عليّ دينًا، فبعث إليه بخمس مئة دينار.
وقال يحيى بن بُكيْر: وصل الليث ابن لَهيعة لما احترقت داره بألف دينار، وحج فأهدى إليه مالك طبقًا فيه رطب، فرد إليه على الطبق ألف دينار، هكذا قال ابن حَجَر، والذي في ابن خلكان هو أن مالكًا أهدى إليه