واستدل الجمهور على المنع بحديث علي:"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحجُبُهُ شيءٌ عن القرآن ليس الجنابة". أخرجه أصحاب "السنن"، وصححه الترمذي وابن حِبّان، وضعَّفَ بعضُهم بعض رواته، والحق أنه من قبِيل الحسن، يصلُح للحجة. لكن قيل: في الاستدلال به نظر؛ لأنه فعلٌ مجرَّد، فلا يدُلُّ على تحريم ما عداه.
وأجاب الطبري القائل بالجواز كما مرَّ عن الحديث بأنه محمول على الأكمل جمعًا بين الأدلة.
ونص أحمد على أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ، وقال به كثيرٌ من الشافعية، ومنهم من خصَّ الجواز بالقليل كالآية والآيتين.
وقال الثَّوري: لا بأس أن يُعَلَّمَ الرجلُ النصرانيُّ الحرفَ من القرآن، عسى الله أن يهديه، وأكره أن يُعَلَّم الآية، هو كالجُنُب.
وعن أحمد: أكره أن يَضَعَ القرآن في غير موضعه. وعنه: إن رُجِيَ منه الهداية جاز، وإلا فلا.
وقالت الشافعية: تحِلُّ للجُنُب قراءة الفاتحة في الصلاة إذا فقد الطُّهورين، بل تجب كما صححه النووي؛ لأنه نادر. وصحح الرافعي حرمتها, لعجزه عنها شرعًا. وكذا تحِلُّ أذكاره لا بقصد القرآن، كقوله عند الركوب: سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنا له مُقْرِنين. فإنْ قَصَدَ القرآن وحده أو مع الذكر حَرُم، وإن أَطْلَق فلا كما اقتضاه كلام "المنهاج"، خلافًا لما في "المحرر". وقال في "شرح المهذب": أشار العراقي إلى التحريم.
وهذا قطعة من حديث أبي سُفيان في قصة هِرَقْل، وقد وصله البُخاري في بدء الوحي، ومرَّ هناك المواضع المذكور فيها.
وعبد الله بن عباس مرَّ هناك في الحديث الخامس من بدء الوحي. ومرَّ أبو سُفيان في السابع منه.