بالبيت". وقالت في رواية القاسم: "حتى قدِمْنا مِنى، فطَهُرْتُ ثم خرجت من مِنى، فأفضْتُ بالبيت"، فالجميع يدل على أن مدة حيضها كان خمسة أيام، لأنها حاضت يوم القدوم في الخامس، وطهُرت يوم النحر يوم مِنى كما دلت عليه الروايات المذكورة.
وقوله: "يا رسول الله هذه ليلة عرفة"، وفي نسخة: "هذا ليلة عرفة" أي: هذا الوقت، ولأبوي ذرٍّ والوقت والأصيلي: "يوم عرفة".
وقوله: "وإنما كنتُ تمتعتُ بعُمرة" أي: وأنا حائض، وفيه تصريح بما تضمنَّهُ التمتُع؛ لأنه إحرام في أشهر الحج ممن على مسافة القصر من الحرم، ثم يُهِلُّ بالحج في تلك السنة. قال الله تعالى:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[البقرة: ١٩٦]، وكونه على مسافة القصر ليس شرطًا في التمتع عند المالكية.
وقوله: "انَقُضي رأسك" بضم القاف، أي حُلّي ضَفْرَهُ.
وقوله: "وأمسكي عن عُمرِتك" بقطع الهمزة، أي: اتركي العمل في العمرة وإتمامها، وأَدْخِلي عليها الحجَّ، فليس المرادُ الخروجَ منها، فإن الحجَّ والعمرة لا يُخْرَجُ منهما إلا بالتَّحَلُّل، وحينئذ فتكون قارِنة. ويؤيده قوله في رواية لمسلم أيضًا: "وأمسكي عن العمرة" أي: عن أعمالها.
وإنما قالت عائشة: "وأرجِعُ بحجٍّ"، لاعتقادها أن افراد العُمرة بالعمل أفضل، كما وقع لغيرها من أمهات المؤمنين.
واستُبْعِد هذا، لقولها في رواية عطاء عنها: "وأرجعُ أنا بحجَّةٍ ليس معها عُمرة" أخرجه أحمد.
وتمسَّكَ الكوفيون بهذه الرواية على أن عائشة تركت العُمرة، وحجَّت مُفردة، وفي هذه الرواية ضَعْف، وتمسَّكوا أيضًا بقولها في الرواية الأخرى: "دعي عُمرتك"، وفي رواية: "ارفضي عُمرتك"، فقالوا: إن للمرأة إذا أهلَّت بالعُمرة متمتِّعة، فحاضت قبل أن تطوف، أن تترك العمرة، وتُهِلَّ بالحجِّ مفردًا،