قال الداودي: ليس في الحديث دليل على الترجمة؛ لأن أَمْرَها بالامتِشاط كان للإهلال وهي حائِض، لا عند غُسلها.
والجواب: أن الإهلال بالحجِّ يقتضي الاغتسال؛ لأنه من سُنّة الإِحرام، وقد وَرَدَ الأمر بالاغتسال صريحًا في هذه القصة، فيما أخرجه مسلم عن جابر، ولفظه:"فاغْتَسِلي ثم أهِلّي بالحج"، فكأن البخاريَّ جرى على عادته في الإشارة إلى ما تضفّنه بعضُ طرق الحديث، وإن لم يكن منصوصًا فيما ساقه.
ويحتمل أن يكون الداودي أراد بقوله السابق: لا عند غسلها. أي: من الحيض، ولم يُرِد نفيَ الاغتسال مطلقًا.
والحامل له على ذلك ما في "الصحيحين" أن عائشة إنما طَهُرت من حيضها يوم النَّحْر، فلم تغتسل يوم عرفة إلا للإحرام. وأما ما وَقَعَ في مسلم عنها أنها حاضَتْ بسَرِف، وتطهَّرَتْ بعَرَفَة، فهو محمول على غُسل الإحرام، جمعًا بين الراويتين. وإذا ثبت أن غسلها إذا ذاك كان للإحرام، استُفيد معنى الترجمة من دليل الخطاب؛ لأنها إذا جاز لها الامتشاط في غُسل الإحرام، وهو مندوب، كان جوازُه لغُسل المحيض، وهو واجب، أولى.
قلت: ما ذُكِر هنا من أنها حاضت بسَرِف، لا يُنافي ما مرَّ من أن حيضَها كان يوم القدوم، لإمكان دخولِها يوم صبَاحها بِسَرِف، فيكون الحيضُ حصل بِسَرِفٍ يوم الدخول.
وقوله:"ففعلتُ" أي: النقضُ والامتشاط والإمساك.
وقوله:"أمر عبدَ الرحمن" يعني: ابن أبي بكر الصديق:
وقوله:"ليلة الحَصْبَة" أي: بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين وفتح الموحدة، هي الليلة التي نزلوا فيها في المحصب، وهو المكان الذي نزلوه بعد النَّفْر من مِنى خارج مكة.
وقوله:"من التَّنْعيم" موضع على فرسخٍ من مكة، فيه مسجد عائشة.