وأخرج ابن السَّكَنِ بلفظ: رأيتُ ورقةَ على نهرٍ من أنهارِ الجنةِ, لأنه كان يقول: ديني دين زيد، وإلهي إله زيد، وقد قال لما كانت خديجة تذكر له أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
هذي خَدِيْجَةُ تَأْتيني لأُخبِرَها ... وَمَا لَنَا بخَفيِّ الغيبِ من خَبَرِ
بأنَّ أحمَدَ يَأْتيهِ فيخْبِرُهُ ... جبريلُ إنَّكَ مَبْعُوثٌ إلى البَشَرِ
فَقُلْتُ عَلَّ الّذي تَرْجِينَ يُنْجزُهُ ... لَهُ الإِلهُ فَرَجِّي الخَيْرَ وَانْتَظِرِي
ومن شعره أيضًا:
فَإنْ يَكُ حَقًّا يَا خَدِيْجَةُ فاعْلَمي ... حَدِيثَك إيّانا فَأَحْمَدُ مُرْسَلُ
وَجِبْرِيلُ يأتِيهِ ومِيْكالُ مَعْهُما ... مِنَ اللهِ وَحْيٌ يَشْرَحُ الصَّدْرَ مُنْزَلُ
وكان يذكر الله في شعره في الجاهلين، ويسبحه فمن ذلك قوله:
لَقَدْ نَصَحْتُ لأَقْوام وقُلْتُ لَهُم ... أَنا النَّذيرُ فلا يَغْرُرْكُمُ أَحَدُ
لا تَعْبُدُنَّ إلهًا غيرَ خَالِقِكم ... فَإنْ دَعَوْكُمْ فَقولوا بَيْنَنَا جَدَدُ
سُبْحَانَ ذِيْ العَرْشِ سُبْحانًا نَعُوذُ بِهِ ... وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الجُودِيُّ والجمد
مُسَخَّرٌ كُلُّ ما تَحْتَ السَّماءِ لَهُ ... لا يَنْبَغي أَنْ يُناوي مُلْكَهُ أَحَدُ
لا شَيْءَ مِما تَرَى تَبْقَى بَشَاشَتُهُ ... يَبْقَى الإِله وَيَفْنَى المَالُ والوَلَدُ
لَم تُغنِ عن هُرْمزٍ يومًا خَزائِنُهُ ... والخُلدَ قَد حاوَلتْ عادٌ فَما خَلدوا
ولا سُليمانَ إذ تَجري الرِّياحُ لهُ ... والإِنسُ والجِنُّ فيما بينَها تَردُ
أينَ الملوكُ التي كانت لِعزَّتها ... من كلِّ أوبٍ إليها وافدٌ يَفدُ
حَوضٌ هنالِك مورُودٌ بلا كدَرٍ ... لا بُدَّ من وِردهِ يَومًا كما ورَدُوا
لطائف إسنادِه فيه أن هذا الإِسناد على شرطِ الستة ما عدا يحيى، فإنَّه على شرط الشيخين، ورواته ما بين مصريٍّ ومدني، وفيه روايتُه تابعيٍّ عن تابعي، وهما الزُّهريُّ وعروةُ، وهو من مراسيل الصحابة لأنَّ عائشةَ لم تُدرك هذه القصةَ فتكونُ سَمِعتها من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من صحابيٍّ، وقَد مَرَّ الكلامُ على مرسلِ الصحابي في الذي قبلَه.
وهذا الحديثُ أخْرجهُ البخاري هنا، وفي التفسير والتعبير عن عبدِ الله