يجوزُ عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعُد أن يتعلق ذلك بما في علم الحَفَظة والموكلين بالآدمي، فيقعُ فيه المحو والإِثبات، كالزيادة في العُمُر والنقص، وأما ما في علم الله فلا محوَ فيه ولا إثبات. وقوله:"فما الرزق" قليلًا أو كثيرًا، حلالًا أم حرامًا، والرُّزق في اللغة الحظُّ قال تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)} [الواقعة: ٨٢]، أي: حظكم من هذا الأمر، والحظُّ هو نصيب الرجل، وما هو خاصٌّ له دون غيره.
وقيل: الرزق: كل شيء يُؤكل ويُستعمل، وهذا باطِل؛ لأن الله تعالى أمرنا بان نُنْفِقَ مما رَزَقَنا، فقال تعالى:{أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} فلو كان الرزق هو الذي يُؤكل، لما أمكن إنفاقه.
وقيل: الرزق: هو ما يُملك، وهذا باطل أيضًا؛ لأن الإِنسان قد يقول: اللهم ارزُقْني ولدًا صالحًا، وزوجةً صالحةً، وهو لا يملِكُ الولد والزوجة.
وقالت المعتزلة: الرزق: هو تمكين الحيوان من الانتفاع بالشيء، والحَظْرُ على غيره أن يمنعه من الانتفاع به. فالحرام ليس برزق عندهم، وعند أهل السنة: الحرام رزق؛ لأنه في أصل اللغة الحظ والنصيب، كما مرّ، فمن انتفع بحرام، كان ذلك الحرام نصيبًا له، فوجب أن يكون رزقًا له. وأيضًا قال الله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[المنافقون: ١٠]، وقد يعيش الرجل طول عمره لا يأكل إلا من الحرام، فوجب أن يكون طول عمره لم يأكل من رزقه شيئًا.
وقوله:"وما الأجل؟ " وفي رواية: "والأجل" بدون ما، والأجل: هو مدة حياة الشخص، أو وقت موته؛ لأنه يُطلق على غاية المدة وعلى المدة.
وقوله:"فيَكْتُب في بطن أُمه" أي: بالبناء للمعلوم، وفاعلُ يكتب، قيل: يرجع إلى الله تعالى، وقيل: يرجع إلى الملك. ويُروى بصيغة المجهول.
وظاهر الحديث أن هذه الكتابة هي الكتابة المعهودة في صحيفته. وفي رواية لمسلم عن حُذيفة بن أسِيْد التصريح بذلك، بلفظ: "ثم تُطوى الصحيفة،