للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الحديث استحباب خروج النساء إلى شهود العيدين، سواء كن شوابَّ أم لا، وذوات هيئات أم لا، وقد اختلف فيه السلف، فنقل عياض وجوبه عن أبي بكر وعلي وابن عمر.

قال في "الفتح": والذي رواه ابن أبي شَيْبة عن أبي بكر وعلي أنهما قالا: "حقَّ على كلِّ ذاتِ نطاقٍ الخروجُ إلى العيدين" ولفظ: "حقَّ" يحتمِلُ الوجوب وتأكُّد الاستحباب.

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عُمر أيضًا أنه كان يُخْرِج من استطاع من أهله إلى العيدين، وهذا ليس صريحًا في الوجوب أيضًا.

وقد رُوِيَ عن ابن عمر المنع، فيُحْتَمل أن يُحْمَلَ على حالين، ومنهم من حمله على الندب.

وحاصل مشهور مذهب مالك أن المتجالة التي لا أرب للرجال فيها يُندب لها أن تخرج إلى الفَرْضِ والعيد والاستسقاء. والتي لم ينقطِعْ أَرَبُ الرِّجال منها بالكلية تخرج للمسجد. ولا تكثر التردُّد. وأما الشابّة، فإن كانت بارعة في الجمال لم تخرُج أصلًا، وإن كانت غير بارعة يجوز خروجُها للفَرْضِ وجنازة أهلها وقرابتها، مع أنه خِلاف الأولى، ويُمنع خروجُها لمجالس العلم والوعظ والذِّكر وإن بَعُدَت وكانت منعزِلة عن الرجال. وقيل: يكره في هذه الحالة كراهةً شديدة.

وشَرَطَ العلماء في خروجها أن تكون بليلٍ، وعكس بعضهم، وقال: بل يكون نهارًا. ويمكن اختلاف ذلك باختلاف الزمان. وأن يَكُنَّ غير متزيِّنات ولا متطيِّبات ولا مزاحمات للرِّجال. وأن تخرُجَ في خشِنِ ثيابِها. وأن لا تتحلى بحُلِيٍّ يظهر أثره للرجال بنظر أو صوت، وإلا فلا بأس به. وأن لا يَبْقى في الطريق ما تخشى مفسدتُه. ولا يخرُجنَ في الليالي المقصودة بالخروج. ولا يُقضى على زوجها بالخروج ولو شرطته في أصل العقد، ولكن يُندب له الوفاء به. بِخلاف المتجالّة، فإنه يُقضى لها إذا شرطته. وقيل: لا يُقضى لها أيضًا. ومذهب الشافعية قريب من هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>