وهذا الأثر وصله الدارِميّ برجال ثقات، وإنما لم يَجْزِم البخاري به للتردُّد في سماع الشعبي من علي، والأثر فيه سماعه منه، ولم يقل: إنه سمعه من شُرَيْح فيكون موصولًا. ولفظ الدارمي: أخبرنا يَعْلى بن عُبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر -هو الشعبي- قال: جاءت امرأة إلى علي تُخاصم زوجها طلَّقها، وقالت: حِضْتُ في شهر ثلاثَ حِيَضٍ. فقال علي لشُرَيْح: اقضِ بينهما. فقال: يا أمير المؤمنين: وأنت ها هنا؟! قال: اقض بينهما. قال: ان جاءت من بِطانة أهلها ممَّن يُرضى دينه وأمانته، تزعُم أنها حاضت ثلاث حِيض، تطْهُرُ عند كل قَرْء وتُصَلّى، جاز لها، وإلا فلا. قال علي: قالون. وقالون بلسان الروم: أحسنت.
وعلي: المراد به ابن أبي طالب رضي الله عنه، وقد مرَّ في السابع والأربعين من كتاب العلم.
وأما شُرَيْح فه وابن الحارث بن قَيْس بن الجَهْم بن مُعاوية بن عامر بن الرائش بن الحارث بن معاوية بن ثَوْر بن مرتِّع -بتشديد المثناة من فوق وكسرها- الكِنْدي، وثور بن مرتِّع هو كِنْدة، وفي نسبه اختلاف كثير، وهذا الطريق أصحُّها، ويُكنى بأبي أمية، مختَلَفٌ في صحبته.
قال ابن منده:"ولاه عُمر القضاء وله أربعون سنة، وكان في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يره ولم يسمع منه.
قال في "الإصابة": هذا هو المشهور، لكن روى ابن السَّكَن وغير واحد من طريق علي بن عبد الله بن مُعاوية بن مَيْسرة بن شُريح القاضي، حدثنا أبي، عن أبيه معاوية، عن أبيه مَيْسرة، عن أبيه شُرَيْح، قال: أتيتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله: ان لي أهل بيتٍ ذوي عددٍ باليمن. قال: "جىء بهم"، فجاء بهم والنبيُّ قد قُبض.
وأخرج أبو نُعيم بهذا الإسناد إلى شُرَيْح قال: وَليت القضاء لعُمر وعُثمان وعلي فمَنْ بعدهَمْ.