أقامه قاضيًا خمسًا وسبعين سنة، لم يتعطَّل فيها إلا ثلاث سنين، امتنع فها من القضاء في فتنة ابن الزُّبير، واستعفى الحجاج بن يوسف من القضاء فأعفاه، ولم يقضِ بين اثنين حتى مات، وكان له يوم استعفى مئة وعشرون سنة، وعاش بعد ذلك سنة.
يقال: إنه تعلم العلم من معاذ بن جَبَل حين كان باليمن، كان أعلم الناس بالقضاء، ذا فِطْنة وذكاء ومعرفة وعَقْلٍ وإصابة.
قال أبو الشَّعثاء: أتانا زياد بشُرَيْح، فقضى فينا بالبصرة سنة، لم يقضِ فينا قبله مثله ولا بعده.
وقال العِجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال ابن مَعين: شُرَيح بن هانىء وشُرَيْح بن أرطاة، وشريح القاضِ أقدم منهما، وهو ثقة.
قال ابن عبد البر: كان شاعرًا محسِنًا، وهو أحد السادات الطُّلْسِ، وهم أربعة: عبد الله بن الزُّبير، وقيس ابن سَعْد بن عُبادة، والأَحْنَف بن قَيس الذي يُضرب به المثل، والقاضي شُرَيْح المذكور، والأطلس الذي لا شعر في وجهه.
كان رضي الله عنه مزّاحًا، دخل عليه عديُّ بن أرطاة فقال له: أين أنت أصلحك الله؟ فقال بينك وبيني الحائط. قال. استمع مني. قال: قل أسمع. قال: إني رجلٌ من أهل الشام. قال: مكان سحيقٌ. قال: تزوجتُ عندَكم، قال: بالرَّفاء والبنين. قال: أردتُ أن أُرَحِّلَها. قال. الرجل أحقُّ بأهله. قال: وشرطتُ لها دارَها. قال: الشرط أملك. قال: فاحكمُ الآن بيننا. قال قد فعلت. قال: فعلى مَن حكمت؟ قال: على ابن أمِّك. قال: بشهادة مَن؟ قال: بشهادة ابن أُخت خالتك.
وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه دخل مع خَصْم له ذِميٍّ إلى القاضي شُرَيْح، فقام له فقال: هذا أول جَوْرك، ثم أسند ظهره إلى الجدار، وقال: إما إنَّ خَصْمي لو كان مسلمًا لجلستُ بجَنْبه. وروي أن عليًّا رضي الله تعالى عنه قال: اجمعوا إليَّ القُرَّاء. فاجتمعوا في رحبة المسجد، فقال: إني