فرأت في المنام أن الشمس نزلت حتى وقعت على صدرها، فقصَّت ذلك على زوجها، فقال لها: ما تمنَّيْن إلا هذا الملك الذي نزل بنا. قال: فافتتحها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فضرب عُنُق زوجها صبرًا. وقيل: إنها رأت قبل ذلك أن القمر وقع في حَجْرها، فذكرت ذلك لأمها، فلطمت وجهها، وقالت: إنك لتَمُدّينَ عُنُقَك إلى أن تكوني عند ملك العرب، فلم يزل الأثر في وجهها، حتى أتى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألها عنه، فأخبرته.
تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع من الهجرة.
وروى ثابت عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى صفيّة بنت حُيي بسبعة أرْؤُس. وخالفه عبد العزيز بن صُهيب وغيره عن أنس، فقال فيه: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما جمع سَبْيَ خيبر، جاءه دِحية، فقال: أعطني جارية من السَّبْي. فقال:"اذهب فخُذ جاريةً"، فأخذ صفية بنت حُيي. فقيل: يا رسول الله: إنها سيدة قُريظة والنَّضير، ما تصْلُحُ إلا لك. فقال له:"خذ جارية غيرها".
وقال ابن عبد البر: اصطفاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصارت في سهمه، ثم أعتقها وجعل عِتْقَها صَداقها، لا يختلفون في ذلك، وهو خصوصي عند أكثر الفقهاء له -صلى الله عليه وسلم- إذ كان حكمه -صلى الله عليه وسلم- في النساء مخالفًا لحكم أمته.
وعن إسحاق بن يسار قال: لما افتَتَحَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغموصَ حِصْنَ بني أبي الحقيق، أُتي بصفية بنت حُيي ومعها ابنة عمٍّ لها، جاء بهما بلال، فمر بهما على قتلى يهود، فلما رأتهم المرأة التي مع صفِيّة، صكَّت وجهها، وصاحت، وحثَتِ التراب على وجهها. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أعْزبُوا هذه الشيطانة عني"، وأمر بصفية، فجُعلت خلفه، وغَطّى عليها ثوبه، فعَرَفَ الناس أنه اصطفاها لنفسه. وقال لبلال: أنُزِعَتِ الرحمة من قلبك حين تمر بالمرأتين على قتلاهما.
وقال الواقدي: لم يخرجُ من خَيْبَر حتى طَهُرَتِ صفيّة من حيضها، فجعلها وراءه، فلما صار إلى منزلٍ على ستة أميال من خَيْبر، مال يريد أن يُعْرِس بها، فأبت عليه، فوجد في نفسه، فلمّا كان بالصهباء، وهي على بريدِ من خَيْبر، نزل