بها هناك، فمشَّطَتها أم سُليم وعطَّرتها، وكانت أضوأَ ما يكون من النساء، فدخل على أهله، فلما أصبح، سألتها عما قال لها، فقالت: قال لي: "ما حملك على الامتناع من النزولِ أولًا؟ " فقلت: خشيتُ عليك من قُرب اليهود. فزادها ذلك عنده.
وعن عَطاء بن يسار: لما قدمت صفية من خَيْبر، أُنزِلَت في بيت لحارثة بن النعمان، فتسمَّع نساء الأنصار فجئنَ ينظُرن إلى جمالِها، وجاءت عائشة مُتَنَقِّبَة، فلما خرجت، خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- على إثرها، فقال:"كيف رأيت يا عائشة؟ " فقالت: رأيت يهودية. فقال:"لا تقولي ذلك، فإنَّما أسلمت وحسُنَ إسلامُها".
وعن سعيد بن المسيِّب قال: قدمت صفيَّةُ وفي أُذُنها خُوصة من ذهب، فوهبت منه لفاطمة ولنساءٍ معها.
وقال ابن سعد، عن ثابت، عن سُمَيّة، عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في سفرٍ، فاعتلَّ بعيرٌ لصفيّة، وفي إبل زَيْنب بنت جَحْش فضلٌ، فقال لها:"إن بعيرَ صفية اعتلَّ، فلو أعطيتها بعيرًا". فقالت: أنا أُعطي تلك اليهودية، فتركها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذا الحجة والمحرم شهرين أوثلاثة لا يأتيها، حتى قالت زينب: يئستُ منه.
قال ابن عبد البر: كانت صفيةُ حليمةً فاضلةً عاقلةً، وكان لها جارية، فأتت عمر بن الخطاب، وقالت له: إن صفيّة تُحِبُّ السبتَ، وتصِلُ اليهود. فبعث إليها عمر، فسألها عن ذلك. فقالت: أما السبتُ فإن لم أحبَّه منذ بدَّلني الله يوم الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحمًا، وأنا أصِلُها. قال: ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت؟ قالت: الشيطان. قالت: اذهبي فأنت حُرة.
ودخل عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي تبكي، فقال لها: ما يُبكيك؟ قالت: بلغني أن عائشة وحفصة تنالان مني، وتقولان: نحنُ خيرٌ من صفية، نحن بناتُ عمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأزواجه. قال: "ألا قلتِ لهنَّ كيف تَكُنَّ خيرًا مني، وأبي هارون وعمي