سيرهم المعتاد. وقوله: ونودي بالصلاة، واستدل به على الأذان للفوائت، وتعقب بأن النداء أعم من الأذان، فيحتمل أن يراد به هنا الإِقامة، وأجيب بأن عند مسلم عن أبي قَتادة التصريحُ بالتأذين، وكذا عند المصنف في أواخر المواقيت، وبالأذان للفائتة قال الشافعيّ في القديم، وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثَور وابن المنذر، مستدلين بما في حديث أبي قتادة من قوله "قم فأذّن بالناس بالصلاة" وبما رواه أبو داود عن عمران بن حصين "ثم أمر مؤذنًا فأذنَ فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام ثم صلى الفجر".
وقال مالك والأوزاعيّ، والشافعيّ في الجديد: لا يؤذَّن لها، واستدلوا بحديث جابر عند البخاريّ في المواقيت "فتوضأ لها فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب" وأجابوا عن حديث أبي قتادة يحمل الأذان فيه على الإِقامة، وتعقب هذا بأنه عقب في الحديث الأذان بالوضوء، ثم بارتفاع الشمس، فلو كان المراد به الإِقامة لما أخر الصلاة عنها، وأجيب أيضًا بحمله على المعنى اللغويّ، وهو محض الإِعلام، ولاسيما على رواية الكشميهنيّ، فإنّ فيها "فآذن" بالمد وحذف الموحدة من بالناس، وآذن معناه أعلم.
قلت: ورواية غير الكشميهنيّ المارة دالة أيضًا على أن المراد به الإِعلام، لأن لفظها كما مرَّ "أذن بالناس بالصلاة" وهذا هو لفظ القرآن في الإِعلام بالحج، كما قال تعالى:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}[الحج: ٢٧]، فلو كان المراد الأذان الشرعيّ لقال: أذّن للصلاة أو بالصلاة، واعترض الآخرون الاستدلال بحديث جابر، بأن المغرب كانت حاضرة، ولم يذكر الراوي الأذان لها، وقد عرف من عادته -صلى الله عليه وسلم- الأذان للحاضرة، فدل على أن الراوي ترك ذكر ذلك، لا أنّه لم يقع في نفس الأمر، وأجيب باحتمال أن تكون المغرب لم يتهيأ إيقاعها إلاّ بعد خروج وقتها، على رأي من يذهب إلى القول بتضييقه، ويؤيد هذا ما في حديث أبي سعيد من قوله "فصلى بعد مضي هَوِيّ من الليل".
وقوله: فصلى بالناس، فيه مشروعية الجماعة في الفائتة، وعليه أكثر أهل العلم إلاّ الليث، مع أنه أجاز صلاة الجمعة جماعة إذا فاتت. وقوله: إذا هو