للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برجل، يأتي ما قيل فيه في السند. وقوله: أصابتني جنابة ولا ماء، بفتح الهمزة، أي معي أو موجود، وحذفُ الخبر أبلغ في عذره لما فيه من عموم النفي كأنه نفى وجود الماء بالكلية، بحيث لو وجد بسبب أو سعى لحصله، فإذا نفى وجوده مطلقًا كان أبلغ في النفي وأعذر له.

وقوله: عليك بالصعيد فإنه يكفيك، أي المذكور في الآية الكريمة، فاللام فيه للعهد، ويؤخذ منه الاكتفاء في البيان بما يحصل به المقصود من الإِفهام، لأنه أحاله على الكيفية المعلومة من الآية، ولم يصرح له بها، ودل قوله: يكفيك، على أن المتيمم في مثل هذه الحالة لا يلزمه القضاء، ويحتمل أن يكون المراد بقوله: يكفيك أي للأداء، فلا يدل على ترك القضاء.

وفي الحديث جواز الاجتهاد بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأن سياق القصة يدل على أن التيمم كان معلومًا عندهم، لكنه صريح في الآية عن الحدث الأصغر، بناء على أن المراد بالملامسة ما دون الجماع، وأما الحدث الأكبر فليست صريحة فيه، فكأنه كان يعتقد أن الجنب لا يتيمم، فعمل بذلك مع قدرته على أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الحكم، ويحتمل أنه كان لا يعلم مشروعية التيمم أصلًا، فكان حكمه حكم فاقد الطهورين، ويؤخذ من هذه القصة أن للعالم إذا رأى فعلًا محتملًا أن يسال فاعله عن الحال فيه، ليوضح له وجه الصواب. وفيه التحريض على الصلاة في الجماعة، وأنّ ترك الشخص الصلاة بحضرة المصلين مَعيب على فاعله بغير عذر. وفيه حسن الملاطفة والرفق في الإنكار.

وقوله: فدعا فلانًا، هو عمران بن حصين، كما يأتي قريبًا. وقوله: فابتغيا، أي بالتاء الفوقية بعد الباء الموحدة من الابتغاء، وللأصيليّ: فابغيا، وهو من الثلاثي، وهمزته همزة وصل، ولأحمد "فابغيان" والمراد الطلب. يقال: ابتغ الشيء أي تطلبه، وابغ الشيء أي اطلبه، وابغني أي اطلب لي. وفيه الجوي على العادة في طلب الماء وغيره، دون الوقوف عند غرقها، وإنّ التسبب في ذلك غير قادح في التوكل. وقوله: بين مزادتين أو سطحتين، المزادتان تثنية مَزَادة، بفتح الميم والزاي، قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها، فلذلك سميت مزادة،

<<  <  ج: ص:  >  >>