يقصد قتل ابن أُخته، فكونه من غيرها أرجح، وجزم ابن هشام بان اللّذين أجارتهما أم هانىء هما: الحارث بن هشام وزهير بن أبي أُمية المخزوميان، وعند الأزرقيّ عبد الله بن أبي ربيعة بدل زُهير. قال في الفتح: والذي يظهر لي أن في رواية الباب حذفًا، كأنه كان فيه فلان بن عم هبُيرة، فسقط لفظ "عم"، أو كان فيه فلان قريب ابن هبيرة، فتغير لفظ "قريب" بابن، وكل من الحارث بن هشام وزهير بن أبي أمية وعبد الله بن أبي ربيعة يصح وصفه بأنه ابن عم هُبيرة، وقريبه، لكون الجميع من بني مخزوم. وقوله: قد أجرنا من أجرت، أي أمَّنَّا من أمنت، وقوله: قالت أم هانىء، وذاك ضحى، أي صلاته الثمان ركعات وقت ضحى، أو صلاة ضحى. وقد مرَّ هذا الحديث في الغسل في باب التستر، ومرَّ هناك الكلام على أوائله، ويأتي في صلاة الضحى في "باب صلاة الضحى في السفر" من طريق أخرى. وها أنا أذكر ما يتعلق به هنا، فأقول:
قد استدل به قوم على إثبات سنة الضحى، ونقل عياض عن قوم أنه ليس فيه دلالة على ذلك، قالوا: إنما هي سنة الفتح، وقد صلاها خالد بن الوليد لما فتح الحيرة، كما نقله الطبريّ. وقال عياض أيضًا: ليس حديث أم هانىء بظاهر في أنه عليه الصلاة والسلام قصد بها سنة الضحى، وإنما فيه أنها أخبرت عن وقت صلاته فقط، وقد قِيل إنها كانت قضاء عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه فيها، وتعقبه النوويّ بأن الصواب صحة الاستدلال به، لما رواه أبو داود عن أم هانىء أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى سَبْحة الضحى.
ولمسلم في الطهارة عنها، في قصة اغتساله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح: ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى. وروى ابن عبد البَرّ في "التمهيد" عنها أيضًا قالت: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكةَ، فصلى ثمان ركعات، فقلت: ما هذه؟ فقال: هذه صلاة الضحى" واستدل به أيضًا على أن كثر الضحى ثمان ركعات، واستبعده السبليّ، ووجه بأن الأصل في العبادة التوقف، وهذا أكثر ما ورد في ذلك من فعله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ورد من فعله دون ذلك، كحديث ابن أبي أوفى "أنه عليه الصلاة والسلام صلى الضحى ركعتين" أخرجه ابن عديّ.