واستنبطه من قوله تعالى {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ}[التوبة: ٣] ومن مناداة أبي هريرة بذلك بأمر أبي بكر يوم النحر، كما في رواية شُعيب عند المصنف في الجزية، فدل على أن المراد بيوم الحج الأكبر يوم النحر.
وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس: الحج الأصغر، وفي حديث ابن عمر عند أبي داود، وأصله في الصحيح، رفعه "أيّ يوم هذا؟ قالوا: هذا يوم النحر، قال: هذا يوم الحج الأكبر" واختلف في المراد بالحج الأصغر، فالجمهور على أنه العمرة، وصل ذلك عبد الرزاق عن عبد الله بن شداد، أحد كبار التابعين، ووصله الطبريّ عن جماعة منهم عطاء والشعبى، وعن مجاهد: الحج الأكبر القِران، والأصغر الإفراد، وقيل: يوم الحج الأصغر عرفة، ويوم الحج الأكبر يوم النحر؛ لأن فيه تتكمل بقية المناسك. وعن الثّوريّ أيام الحج تسمى يوم الحج الأكبر، كما يقال: يوم الفتح. وأيده السهيلى بأن عليًا أمر بذلك في الأيام كلها، وقيل: لأن أهل الجاهلية كانوا يقفون بعرفة، وكانت قريش تقف بالمزدلفة، فهذا كان صبيحة النحر وقف الجميع بالمزدلفة، فقيل له الأكبر لاجتماع الكل فيه.
وعن الحسن، سمي بذلك لاتفاق حج جميع الملل فيه وروى الطبريّ عن أبي جحيفة وغيره أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، وعن سعيد بن جُبير أنه يوم النحر، واحتج بأن اليوم التاسع وهو يوم عرفة، إذا انسلخ قبل الوقوف لم يفت الحج، بخلاف العاشر، فإن الليل إذا انسلخ قبل الوقوف فات. وعند التِّرمذيّ من حديث عليّ مرفوعًا وموقوفًا "يوم الحج الأكبر يوم النحر" ورجح الموقوف، وقد مرَّ في أوّل الحديث أن حجة أبي بكر كانت سنة تسع، واتفقت على ذلك الروايات، وعند عبد الرزاق عن أبي هريرة في قوله {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} قال؛ لمّا كان زمن الفتح اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الجُعْرانة، ثم أمَّرَ أبا بكر الصديق على تلك الحجة، قال الزّهريّ: وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمَره أن يُؤذن ببراءة، ثم أَتْبَعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عليًا ... الحديث.
قال عماد الدين بن كثير: هذا فيه غرابة، من جهة أن الأمير في سنة عمرة