الخندق، وكان ينقل التراب يومئذ مع المسلمين، فقال رسول الله:"أَمَا إنّه نِعْمَ الغلامُ" ونعس يومئذ، فجاء عمارة بن حزم، فأخذ سلاحه وهو لا يشعر، فقال النبي: يا أبا رُقاد، ومن يومئذ نهى أن يُرَوَّع المؤمن، ولا يؤخذ متاعه جادًا ولا لاعبًا.
وكانت راية بني مالك بن النجار يوم تبوك مع عمارة بن حزم، فأخذها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودفعها إلى زيد بن ثابت، فقال عمارة: يا رسول الله، أبلغك عنّي شيء؟ قال: ولكن القرآن مقدم، وزيد أكثر منك أخذًا للقرآن. قال ابن عبد البر: وهذا عندي خبر لا يصح. وأما حديث أنس من أن زيد بن ثابت أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار فصحيح، وقد عارضه قوم بحديث ابن شهاب عن عبيد بن السبّاق عن زيد بن ثابت أن أبا بكر أمره في حين مقتل القُراء باليمامة بجمع القرآن، قال: فجعلت أجمع القرآن من العُسُب والرّقاع وصدور الرجال، حتى وجدت آخر آية من التوبة مع رجل يقال له خُزيمة أو أبو خزيمة. قالوا: لو كان زيد قد جمع القرآن على عهد رسول الله مَلاّه من حفظه، وما احتاج إلى ما ذكر.
قالوا: وأما خبر جمع عثمان للمصحف، فإنما جمعه من الصحف التي كانت عند حفصة من جمع أبي بكر. يقال: إنه كان في حين قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ابن إحدى عشر سنة، وكان يوم بُعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه، وكان هو الذي تولى قَسم الغنائم يوم اليرموك، وهو الذي جمع القرآن في عهد أبي بكر، ثبت ذلك في الصحيح. وقال له أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك. ولما اختلف الناس في القرآن زمن عثمان، واتفق رأيه ورأيُ الصحابة على أن يرد القرآن إلى حرف واحد، وقع اختياره على حرف زَيد، فأمره أن يُمْلِي المصحفَ على قوم من قريش، جمعهم إليه فكتبوه على ما هو عليه اليومَ بأيدي الناس، والأخبار في ذلك متواترة المعنى، وإن اختلفت ألفاظها.
وكانوا يقولون: غلب زيد بن ثابت الناسَ على اثنتين: القرآن والفرائض. وروى البغوي وأبو يَعلى موصولًا، عن زيد بن ثابت قال: أتى بي النبي صلى