الله عليه وسلم مَقْدَمه المدينة، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: تعَلّم كتاب يهود، فإني ما آمنهم على كتابي، ففعلت، فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له.
وروى من طريق ثابت بن عبيد أنه قال: قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: إني أكتب إلى قوم، فأخاف أن يزيدوا عليّ أو ينقصوا، فتعلم السريانية، فتعلمتها في سبعة عشر يومًا. وكتب بعده لأبي بكر وعمر وكتب لهما مُعَيْقيب الدَّوسيّ معه أيضًا، واستخلف عمر بن الخطاب زيدًا على المدينة ثلاث مرات في حجتين، وفي خروجه إلى الشام، وكتب إليه من الشام إلى زيد بن ثابت، من عمر بن الخطاب، وروى البغوي بإسناد صحيح: كان عمر يستخلف زيد بن ثابت إذا سافر، فقلما رجع إلَّا أقطعه حديقة من نخْل. وقال نافع عن ابن عمر: كان يستخلف زيدًا إذا حج، وكان عثمان يستخلفه أيضًا إذا حج، ورُمي يوم اليمامة فلم يضره، وروي عن الشعبيّ بإسناد جيد قال: ذهب زيد بن ثابت ليركب، فأمسكَ ابن عباس بالركاب فقال: تنح يا ابن عم رسول الله، قال: هكذا نفعل بالعلماء والكبراء. وروى يعقوب من طريق ابن سيرين: حج بنا أبو الوليد، فدخل بنا على زيد بن ثابت فقال: هذا لام، وهذا لام، وهذا لام في أخطاء.
وقال ثابت بن عبيد: ما رأيت رجلًا أفكه في بيته ولا أوقر في مجلسه من زيد بن ثابت. وعن أنس، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أفرضكم زيدٌ. رواه أحمد بإسناد صحيح، وروى ابن سعد بإسناد صحيح قال: كان زيد بن ثابت أحد أصحاب الفتوى، وهم ستة: عمر وعليّ وابن مسعود وأبو موسى وزيد بن ثابت. ورُوي بسند فيه الواقديّ من طريق قبيصة قال: كان زيد رأسًا في المدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض. ومن طريق ابن عباس: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم. وقال مسروق: قدمت المدينة فوجدت زيد بن ثابت من الراسخين في العلم.
وروي عن مالك بن أنس قال: كان إمام الناس عندنا بعد عمر بن الخطاب