زيدُ بن ثابت بالمدينة، وكان إمامَ الناس عندنا بعده عَبْدُ الله بن عمر. وروى عن يوسف بن سعد عن وهيب عبدٍ كانَ لزيد بن ثابت، وكان زيد على بيت المال في خلافة عثمان، فدخل عثمان، فأبصر وهيبًا يعينهم في بيت المال، فقال: من هذا؟ فقال زيد: مملوك لي. فقال عثمان: أراه يعينُ المسلمينَ وله حق، وإنّا نفرض له، نفرض لهُ ألفين، فقال زيد: والله لا تفرض لعبد ألفين، ففرض له ألفًا.
قال أبو عمر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، وكان زيد عثمانيًا، ولم يكن فيمن شهد شيئًا من مشاهد عليّ مع الأنصار، مع ذلك يفضل عليًا ويظهر حبه، وكان فقيهًا. وقال سعيد بن المسيب: شهدت جنازة زيد بن ثابت، فلما وُلَّي في قبره قال ابن عباس: من سرّه أن يعلم كيف ذهاب العلم، فهكذا ذهاب العلم، والله لقد دفن اليوم علم كثير. وقال أبو هريرة يوم مات زيد: مات اليوم حَبر الأمة، وعسى الله أن يجعل في ابن عباس خَلَفًا. له اثنان وتسعون حديثًا اتفقا على خمسة، وانفرد البخاريّ بأربعة، ومسلم بواحد. روى عنه جماعة من الصحابة، منهم أبو هُريرة وأبو سعيد وابن عمر وأنس وسهل بن سعد، ومن التابعين سعيد بن المسيب، وولداه خارجة وسليمان، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار وآخرون. مات سنة اثنتين أو ثلاث أو خمس وأربعين، وقيل سنة إحدى أو خمس وخمسين، وفي خمس وأربعين قول الأكثر، ولما مات رثاه حسان بقوله:
فمنْ للقوافي بعد حَسَّان وابنه ... ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت