جهة الشمال والشرق من المدينة النبوية، على ستة مراحل، وكانت لها نخيل كثير، وكانت في صدر الإِسلام دارًا لبني قريظة والنضير، وكانت غزوتها سنة سبع من الهجرة، قاله ابن سعد. وقال ابن إسحاق: أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد رجوعه من الحديبية، ذا الحجة وبعض المحرم، وخرج في بقيته غازيًا إلي خيبر. وقوله: بغَلَسٍ، بفتح الغين واللام، وهو ظلمة آخر الليل. وقوله: فركب نبي الله، أي ركب مركوبه، وأخرج التِّرمذيّ والبيهقيّ عن أنس قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم قريظة والنضير على حمار، ويوم خيبر على حمار مخطوم برسن ليف، وتحته إكاف من ليف.
وقال ابن كثير: والذي ثبت في الصحيح عند البخاريّ عن أنس، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جرى في زقاق خيبر حتى انحسر الإزار عن فخذه، فالظاهر أنه كان يومئذ على فرس لا حمار، ولعل هذا الحديث، ان كان صحيحًا، محمول على أنه ركبه في بعض الأيام وهو محاصرها. وقوله: في زقاق خيبر، بضم الزاي وبالقافين، وهي السكة، يذكر ويؤنث، والجمع أزقة. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ثم حسر الإزار عن فخذه حتى أني انظر، وفي رواية الكشميهنيّ "لأنظر" والصواب أنّ حَسَرَ، بفتح المهملتين، ويدل على ذلك تعليقه الماضي في أول الباب، فإنه قال: وقال أنس حَسَر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وضبطه بعضهم بضم أوله على المبناء للمفعول، بدليل رواية مسلم "فانحسر"، وليس ذلك بمستقيم، إذ لا يلزم من وقوعه كذلك في رواية مسلم أن لا يقع عند البخاريّ على خلافه، وقد رواه بلفظ "فانحسر" أحمد والطبرانيّ، ورواية "فانحسر" لا دلالة فيها على أن الفخذ ليس بعورة، لدلالتها على أنه وقع بغير اختياره، لضرورة الإجراء.
وأما رواية حَسَر، بفتحتين، ففيها دلالة على أن ذلك كان باختياره، فتدل على أن الفخذ ليس بعورة، ولكن قال بعض العلماء: إن اللائق بحاله، عليه الصلاة والسلام، أن لا ينسب إليه كشف فخذه قصدًا، مع ثبوت قوله عليه الصلاة والسلام "الفخذ عورة" ولعل أنسًا لمّا رأى فخذه عليه الصلاة والسلام مكشوفًا، وكان عليه الصلاة والسلام تسبب في ذلك بالإجراء، أسند الفعل إليه.