المشرق والمغرب اشتركوا في قتله لكبهم الله عز وجل في النار، كان يختم القرآن في كل ليلتين.
وقال عثمان بن بوذويه: كنت مع وَهْب بن مُنَبِّه، وسعيد بن جُبير يوم عرفة، فقال وهب لسعيد: يا أبا عبد الله كم لك منذ خفت من الحجاج؟ قال: خرجتُ عن امرأتي وهي حاملٌ فجاءني الذي في بطنها وَقَدْ جُرِح وجههُ.
كان يكتب لعبد الله بن عُتبة بن مسعود، حيث كان على قضاء الكوفة، ثم كتب لأبي برده بن أبي موسى، ثم خرج مع ابن الأشعث في جملة القراء، فلما هُزِم ابن الأشعث هرب سعيدُ بن جُبير إلى مكة، فأخذه خالد بن عبد الله القسري وكان واليًا على مكة يومئذ، وبعث به إلى الحجاج بن يوسف مع إسماعيل بن واسطٍ البَجَلي فقال له الحجّاج: ما اسمُك؟ قال: سعيدُ بن جُبير. قال: بل أنت شقي بن كُسَير. قال: بل كانت أمي أعلَمَ باسمي منك. قال: شَقِيَتْ أمك وشَقِيت أنت. قال يعلَم الغيبَ غيرُك. قال: لأبَدِّلَنَّكَ بالدنيا نارًا تلظى. قال: لو علمت أنَّ ذلك بيدك لاتّخذتك إلهًا. قال: فما قولك في محمد؟ قال: نبي الرحمة وإمام الهدى. قال: فما قولك في علي أهو في الجنة أو في النار؟ قال: لو دخلتُها وعَرَفت من فيها عَرَفت أهلها. قال: فما قولُك في الخلفاء؟ قال: لستُ عليهم بوكيل. قال: فأيُّهم أعجب إليك؟ قال: أرضاهم لخالقي. قال: فأيُّهم أرضى له؟ قال: علمُ ذلك عند الله، يعلم سرهم ونجواهم. قال: أبيت أن تَصْدُقَني. قال: إني لم أُحبَّ أن أكذبك. قال: فما بالك لم تضحك؟ قال: وكيف يَضْحَك مخلوق خُلق من طين، والطين تأكله النار؟ قال: فما بالُنا نضحك؟ قال: لم تستو القلوب. ثم أمر الحجاج باللؤلؤ والزَّبَرْجَدِ والياقوت، فجمعه بينَ يديه، فقال سعيد: إن كنت جمعت هذا لِتَتَّقيَ به فزعَ يوم القيامة فصالحٌ، وإلا فَفَزْعَةٌ واحدة تُذْهِلُ كُلَّ مرضعةٍ عما أرضعت، ولا خير في شيءٍ جُمع للدنيا إلا ما طاب وَركا، ثم دعا الحجاج بالعُود والنَّاي، فلما ضُرب بالعود ونُفخ في الناي، بكى سعيدٌ، فقال: ما يُبكيك هو اللعب؟ قال: هو الحزن، فأما النفخ فذكرني يومًا عظيمًا يوم