وقال مجاهد: ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس، إلَّا أنْ يقول قائل: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعند الدارمي وابن سعد بسند صحيح عن عبد الله بن أبي يزيد: كان ابن عباس إذا سُئِل فإن كان القرآن أخبر به، فإن لم يكن وكان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر به، فإن لم يكن وكان عن أبي بكر وعمر أخبر به، فإن لم يكن قال برأيه. وفي رواية ابن سعد: اجتهدَ رأيَهُ.
وفي البَيْهَقيِّ عن عبد الله بن بُرَيْدة، قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتَشْتِمُني وَفِيَّ ثلاث: إني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدِل في حكمه، فأحبه، ولعلي لا أقضي عليه أبدًا، وإني لأسمع بالغيث يُصيبُ البلد من بلدان المسلمين، فأفرح به، وما لي بها سائمة ولا راعية، وإني لآتي على آية من كتاب الله تعالى فودِدْت أن المسلمين كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم.
وعن يزيد بن الأَصَمِّ: خرج معاوية حاجًّا، ومعه ابن عباس، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس موكب ممن يطلُب العلم.
وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسًا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس الحلالِ، والحرامِ، والعربيةِ، والأنسابِ، وأحسبه قال: والشعر.
وعن عُبيد الله بن عبد الله قال: ما رأيت أحدًا كان أعلم بالسنة، ولا أجَلَّ رأيًا، ولا أثقب نظرًا من ابن عباس.
وقال القاسم بن محمَّد: ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلًا قطُّ، وما سمعت فتوى أشبه بالسنة من فتواه.
ويُروى أن معاوية نظر إلى ابن عباس يومًا يتكلم، فَأَتْبَعَهُ بَصَرَهُ، وقال متمثلًا:
إذا قَالَ لَمْ يَتْركْ مَقالًا لِقائلٍ ... مُصيبٌ وَلَمْ يَثْن اللِّسانَ على هُجْرِ