يُصَرِّفُ بالقَوْل اللِّسانَ إذا انْتَحى ... ويَنْظُرُ في أعطافِهِ نَظَرَ الصَّقْرِ
وقال عطاء: كان الناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس يأتونه لأيام العرب ووقائعها، وناس يأتون للعلم والفقه ما منهم إلا يُقْبِل عليهم بما شاؤوا.
وروى أبو الحسن المدائني، عن أبي بَكْرة، قال: قدم علينا ابن عباس البصرة، وما في العرب مثله حَشْمًا، وعِلمًا، وثيابًا، وجمالًا، وكمالًا.
وأخرج الطبراني من طريق أبي الزِّنَادِ أن حسانَ بن ثابت، قال: كانت لنا عند عثمان أو غيره من الأمراء حاجة فطلبناها إليه بجماعة من الصحابة منهم عبدُ الله بن عباس، وكانت حاجةً صعبة شديدة، فاعتل علينا، فراجعوه إلى أن عَذَروه وقاموا، إلا ابنَ عباس، فلم يزل يُراجِعُه بكلام جامع، حتى سَدَّ عليه حاجته، فلم يَرَ بُدًّا من أن يقضيَ حاجتنا، فخرجنا من عنده وأنا آخذٌ بيد ابن عباس، فمررنا على أولئك الذين كانوا عَذَرُوا وضَعُفوا، فقلت: كان عبد الله بن عباس أولاكم به، قالوا: أجل، فقلت أمدحه:
إذا ما ابن عَبّاسٍ بَدَا لَكَ وَجْهُهُ ... رَأَيْتَ لَهُ في كُلِّ أحوالِهِ فَضْلًا
كَفَى وشَفَى ما في النُّفُوسِ وَلَمْ يَدَعْ ... لِذِي أَرَبٍ في القولِ جدًّا ولا هزْلا
وذكر خليفةُ أن عليًّا ولّاه البصرة، وكان على الميسرة يوم صفين، واستخلف أبا الأسود على الصلاة، وزيادًا على الخراج، وكان استكتبه، فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى قُتِلَ علي، فاستَخْلف عبد الله بن الحارث، ومضى إلى الحجاز.
وأخرج الزبير بسند له أن ابن عباس كان يُفتي الناس في رمضان وهو أمير البصرة، فما ينقضي الشهر حتى يفقههم.