وكان رضي الله عنه قد عمي في آخر عمره، ورُوي عنه أنه رأى رجُلًا
مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يَعْرِفْهُ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أَرأَيتَهُ" قال: نعم. قال:"ذلك جِبْريلُ، أما إنَّك سَتفقدُ بَصَركَ" فعمي في آخر عمره وهو القائل:
إن يأْخُذ الله من عَينيَّ نُورهُما ... ففي لِساني وقَلْبي مِنهُما نورُ
قَلْبي ذَكِيٌ وعَقلي غَيرُ ذي دَخَلٍ ... وفي فَمي صارِمٌ كالسَّيْفِ مَشْهُورُ
وروى مجاهدٌ عنه أنه قال: رأيت جبريل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين.
له ألف وست مائة حديث وستون حديثًا، اتفقا على خمسة وتسعين، وانفرد البخاري بمئة وعشرين، ومسلم بتسعة وأربعين.
روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن أبيه، وأمِّه أم الفَضْل، وأخيه الفضل، وخالته مَيْمونة، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عَوف، ومُعاذ بن جَبل، وأبي ذرٍّ، وأُبيِّ بن كَعب، وخالد بن الوليد وهو ابن خالته، وأبي هُريرة، وأسامة بن زَيد، وخلق.
وروى عنه ابناه علي ومحمد، وابن أخيه محمَّد بن علي، وأخوه كَثير ابن العباس، وابن أخيه عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وابن أخيه الآخر عبد الله بن مَعيد بن عباس، ومن الصحابة عبد الله بن عمر بن الخطاب، وثَعْلبةُ بن الحكم اللَّيثي، وأبو الطُّفَيل، وغيرهم من الصحابة، ومن التابعين أبو أُمامة بن سَهْل بن حَنيف، وسعيد بن المسَيِّب، وسعيد بن جُبير، وأبو سَلَمةَ بن عبد الرحمن، وعطاء، وطاووس وكُرَيْب، ومُجاهد، وعَمرو بن دينار، وابن خالته عبد الله بن شَداد بن الهاد، وابن خالته الأخرى يزيد بن الاصم، وخلق كثير.
مات رضي الله عنه بالطائف سنة ثمان وستين، وقيل: سنة تسع، وقيل: سنة سبعين، وصلى عليه محمد بن الحَنَفِيَّة، ولما سُوِّي عليه التراب، قال: مات والله اليوم حبر هذه الأمة، وفي رواية: رَبّانِيُّ هذه الأمة.