للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسعود، أن عمر كان يأخذ بقول ابن عباس في العُضَلِ، وعُمَرُ عُمَرُ.

وعن هشام بن عُروة: سألت أبي عن ابن عباس، فقال: ما رأيت مثل ابن عباس قطُّ.

ورُوي أن عبد الله بن صَفْوان بن أُمَيَّةَ مَرَّ يومًا بدار عبد الله بن عباس بمكة، فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه، ومرَّ بدار عُبيد الله بن عباس فوجد فيها جماعة ينتابونها للطعام، فدخل على ابن الزبير، وقال: أصبحتَ والله كما قال الشاعر:

فَإِنْ تُصِبْكَ من الأيّام قارِعةٌ ... لَمْ نَبْكِ منكَ على دُنيا ولا دينِ

قال: وما ذاك يا أعرج، قال: هذان ابنا عباس أحدهما يفقه الناس، والآخر يطعم الناس، فما أبقيا لك مَكْرُمة، فدعا عبدَ الله بن مُطيع، وقال انطلق إلى ابني عباس، وقل لهما: يقول لكما أمير المؤمنين: اخرجا عني أنتما ومن انضوى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت، فقال عبد الله ابن عباس لابن الزبير: والله ما يأتينا من الناس إلا رجلان، رجل يطلُبُ فقهًا، ورجل يطلب فضلًا، فأيَّ هذين تمنع؟ وكان بالحضرة أبو الطفيل عامر بن وَاثلة الكناني، فجعل يقول:

لا دَّر دُّر الَّليالي كيف تُضحِكُنا ... مِنها خطوبٌ أعاجيبٌ وَتُبْكينا

ومِثلُ ما تُحدثُ الأيّامُ مِن غِيَرٍ ... في ابن الزُّبير عن الدُّنيا يُسَلّينا

كُنّا نَجيءُ ابن عبّاسٍ فَيُسمعُنا ... فِقْهًا ويُكسِبُنا أجرًا ويَهْدينا

ولا يزالُ عُبيدُ اللهِ مُتْرعةً ... جِفَانُهُ مُطعِمًا ضيفًا ومِسْكينا

فَالبِرُّ والدينُ والدُّنيا بدارهمُ ... نَنالُ منها الّذي نَبْغي إذا شينا

إنَّ النّبيُّ هو النُّور الذي كُشطتْ ... به عَماياتُ ماضِينا وبَاقينا

ورَهطُه عِصمَةٌ في ديننا لهُمُ ... فَضلٌ علَينا وَحَقٌّ واجِبٌ فينا

فَفيم تَمنَعُنا مِنهُم وتَمنعُهُم ... مِنّا وتُؤذيهم فِينا وَتُؤذينا

ولَستَ فَاعْلَم بأَولاهُم بهِ رَحِمًا ... يا ابنَ الزُّبيرِ ولا أولى به دِينا

لَنْ يُؤِتيَ الله إنسانًا بِبُغضِهِمُ ... في الدّينِ عِزًّا ولَا في الأرضِ تَمكينا

<<  <  ج: ص:  >  >>