شعور بما وقع منه من الزيادة. وقوله: صليت كذا وكذا، كناية عمّا وقع إمّا زائد على المعهود أو ناقص عنه، وقوله: فثنى رجله، بتخفيف النون، أي عطف، وبإفراد رجله بأن جلس كهيئة قعود المتشهد، وللكشميهنيّ والأصيلي "رجليه" بالتثنية. وقوله: واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، ومناسبة الحديث للترجمة من قوله هذا "واستقبل القبلة" فدل على عدم ترك الاستقبال في كل حال من أحوال الصلاة، واستدل به على رجوع الإِمام إلى قول المأمومين، لكن يحتمل أن يكون تذكر إذ ذاك، أو علم بالوحي، أو أن سؤالهم أحدث عنده شكًا، فسجد لوجود الشك الذي طرأ، لا لمجرد قولهم.
وبالرجوع إلى قول المأمومين قال مالك وأبو حنيفة وأحمد، ولكن عند مالك لابد أن يكون رجوعه لقول مأمومَيْن عدلَين عند إخبارهما له بالزيادة. وأما النقص فيرجع فيه لكل مخبر، وعند الشافعية لا يرجع المصلي في قدر صلاته إلى قول غيره، إمامًا كان أو مأمومًا، ولا يعمل إلا على يقين نفسه. وأجابوا عن الحديث بما مرّ قريبًا من الاحتمالات، وقد قال الشافعي: معنى قوله: فذكِّروني أي لأتذكر، وقيد مالك وغيره رجوع الإِمام إلى قول المأمومين، بما إذا كان الإِمام مجوزًا لوقوع السهو منه، بخلاف ما إذا كان متحققًا لخلاف ذلك، أخذًا من ترك رجوعه عليه الصلاة والسلام لذي اليدين، ورجوعه للصحابة.
وفرق بعض المالكية والشافعية بين ما إذا كان المخبرون ممن يحصل العلم بخبرهم فيقبل، ويقدم على ظن الإِمام، أنه كمل الصلاة بخلاف غيرهم، ودل قوله "وسجد سجدتين" على أن سجود السهو سجدتان، وهو قول عامة الفقهاء، فلا يتكرر بتكرر السهو، ولو اختلف الجنس، خلافًا للأوزاعيّ وابن أبي ليلى، وروى ابن أبي شيبة عن النخعيّ والشعبيّ أن لكل سهو سجدتين، وورد على وفقه حديث ثَوبان عند أحمد، وإسناده منقطع، وحمل على أن معناه أن من سها بأي سهو كان شُرِع له السجود، أي لا يختص بما سجد فيه الشارع. وروى البيهقيّ من حديث عائشة "سجدتا السهو تجزئان من كل زيادة ونقصان".
واختلف العلماء في حكم السجدتين، وفي محلهما. فقالت الشافعية