والمالكية: انه مسنون كله. وعن الحنابلة ... التفصيل بين الواجبات غير الأركان، فيجب لتركها سهوًا وبين السنن القولية فلا يجب، وكذا يجب إذا سها بزيادة فعل أو قول، يبطلها عمده، وعن الحنفية واجب كله. وقال الكرخيّ منهم: إنه سنة، وحجتهم في الوجوب حديث ابن مسعود عند المؤلف "فليسجد سجدتين" ومثله لمسلم من حديث أبي سعيد، والأمر للوجوب، وقد ثبت من فعله -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله في الصلاة محمولة على البيان، وبيان الواجب واجب، ولاسيما مع قوله "صلوا كما رأيتموني أصلي".
ومحله عند مالك إن كان لنقص محض أو لنقص وزيادة، فهو قبل السلام، وإن كان لزيد محض فهو بعد السلام. وقال أحمد يستعمل كل حديث فيما ورد فيه، وما لم يرد فيه شيء يسجد قبل السلام. قال: ولولا ما رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك لرأيته كله قبل السلام؛ لأنه من شأن الصلاة، فيفعله قبل السلام. وفي المغني: السجود كله عند أحمد قبل السلام إلا في الموضعين اللذين ورد النص بسجودهما بعد السلام، وهما: إذا سلّم من نقص في صلاته، أو تحرّى الإِمام فبنى على غالب ظنه، وما عداهما يسجد له قبل السلام، وبقول مالك: قال أبو ثَور وقال سليمان بن داود وابن المنذر وأبو خيثمة بقول أحمد. وعند الشافعية سجود السهو كله قبل السلام. وعند الحنفية كله قبل السلام. واعتمد الحنفية على حديث الباب، وتعقب بأنه لم يعلم بزيادة الركعة إلَّا بعد السلام، حين سألوه هل زِيد في الصلاة؟
وقد اتفق العلماء في هذه الصورة على أن سجود السهو بعد السلام، لتعذره قبله، لعدم علمه بالسهو، وإنما تابعه الصحابة لتجويزهم الزيادة في الصلاة، لأنه كان زمان توقع النسخ، وأجاب بعضهم بما وقع في حديث ابن مسعود من الزيادة، وهي "وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين" وأجيب بأنه معارض بحديث أبي سعيد عند مسلم، ولفظه "إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى، فليطرح الشك، وليس على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم" وبه تمسك الشافعية.