وجمع بعضهم بينهما بحمل الصورتين على حالتين، وهذا الاستدلال والجواب إنما هو بالنسبة لمذهب الشافعية، وأما مذهب المالكية والحنابلة فلا يرد عليهما شيء مما ذكر. وقال النوويّ: أقوى المذاهب في السجود قول مالك ثم أحمد، وقال غيره: بل طريق أحمد أقوى، وأما داود فجرى على ظاهريته فقال: لا يشرع سجو السهو إلا في المواضع التى سجد فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقط، ورجح البيهقيّ طريقة التخيير في سجو السهو قبل السلام أو بعده، ونقل الماورديّ وغيره الإجماع على الجواز، وإنما الخلاف في الأفضل، وكذا أطلق النوويّ. وتعقب بأن إمام الحرمين نقل في "النهاية" الخلاف في الإجزاء عن المذهب، واستبعد القول بالجواز، وكذا نقل القرطبيّ الخلاف في مذهبهم، وهو مخالف لما قاله ابن عبد البر من أنه لا خلاف عن مالك أنه لو سجد للسهو كله قبل السلام أو بعده، أنه لا شيء عليه، فيجمع بأن الخلاف بين أصحابه، لا عنه هو.
والخلاف عند الحنفية قال القدوريّ: لو سجد للسهو قبل السلام؛ روى عن بعض أصحابنا لا يجوز؛ لأنه أدّاه قبل وقته، وصرح صاحب الهداية بأن الخلاف عندهم في الأولوية، وقال ابن قُدامة في المقنع: من ترك سجود السهو الذي قبل السلام بطلت صلاته إن تعمد، وإلا فيتداركه ما لم يطل الفصل. ويمكن أن يقال الإجماع الذي نقله الماورديّ وغيره قبل هذه الآراء في المذاهب المذكورة. وقال ابن خُزيمة: لا حجة للعراقيين في حديث ابن مسعود، يعني المتقدم استدلالهم به؛ لأنهم خالفوه فقالوا: إن جلس المصلي في الرابعة مقدار التشهد أضاف إلى الخامسة سادسة، ثم سلّم، وسجد للسهو. وإن لم يجلس في الرابعة لم تصح صلاته، ولم ينقل في حديث ابن مسعود إضافة سادسة، ولا اعادة، ولابد عندهم من أحدهما. قال: ويحرم على العالم أن يخالف السنة بعد علمه بها.
ودل الحديث على أن كلام الناسي والعامد لإصلاح الصلاة لا تبطل الصلاة به، قال أبو عمر: ذهب الشافعي وأصحابه إلى أن الكلام والسلام سهوًا