للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقرب ذلك إلى الصواب" وفي رواية له "فليتحر الذي يرى أنه الصواب" زاد ابن حبَّان "فليتم عليه" واختلف في المراد بالتحري فعند المالكية والشافعية هو البناء على اليقين لا على الأغلب, لأن الصلاة في الذمة بيقين، فلا تسقط إلاّ بيقين، ويفسر التحري المذكور هنا حديث أبي سعيد عند مسلم بلفظ "وإذا لم يدر أصلّى ثلاثًا أو أربعًا فليطرح الشك، ولْيَبْنِ على ما استيقن" وفي جامع سفيان عن ابن عمر قال "إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخَّ حتى يعلم أنه قد أتم".

وقالت الحنفية: التحري هو الأخذ بغالب الظن، ولا يلزمه الاقتصار على الأقل إلا إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء، فإنه يبني حينئذ على الأقل. قال أبو حنيفة: إن طرأ شك أولًا استأنف، وإن كثر بني على غالب ظنه، وإلاّ فعلى اليقين، وما ذهبوا إليه هو ظاهر الروايات التي عند مسلم. وعن أحمد في المشهور: التحري يتعلق بالإمام، فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه، وأما المنفرد فيبني على اليقين دائمًا، وعن أحمد رواية أخرى كالشافعية، وأخرى كالحنفية.

وحكى الأثرم عن أحمد في معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- "لا غرار في صلاة" قال: أن لا يخرج منها إلا على يقين، وهذا يقوّي ما ذهبت إليه المالكية. ونقل النوويّ أن الجمهور معهما، وأنّ التحري هو القصد. قال تعالى {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن: ١٤]. وقال ابن حبّان في صحيحه: البناء غير التحري، فالبناء أن يشك في الثلاث أو الأربع مثلًا، فعليه أن يلغي الشك، والتحري أن يشك في صلاته فلا يدري ما صلى، فعليه أن يبني على الأغلب عنده. وقال غيره: التحري لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى، فيبنى على غلبة ظنه، وبه قال مالك وأحمد. وأبعد من زعم أن التحري في الخبر مُدْرَج من كلام ابن مسعود، أو ممن دونه، لتفرد منصور بذلك عن إبراهيم دون رفقته, لأن الإدراج لا يثبت بالاحتمال.

وقوله: ثم يسلم ثم يسجد سجدتين، أي لا واحدة. كالتلاوة، وعبر بلفظ الخبر في هذين الفعلين، وبلفظ الأمر في السابقين، وهما فليتحرَّ، وليتمَّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>