قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
[الحديث ٦ - أطرافه في: ١٩٠٢، ٣٢٢٠، ٣٥٥٤، ٤٩٩٧].
قوله:"كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أجود الناس" أجود منصوب لأنه خبر كان، وقدم ابن عباس هذه الجملة على غيرها، وإن كانت لا تتعلق بالقرآن، على سبيل الاحتراس من مفهوم ما بعدها، ومعنى أجود الناس: أكثرهم جودًا على الإِطلاق، والجود: الكرم، وهو من الصفات المحمودة، وقد أخرج التِّرمذي من حديث سَعْد رفعه:"إن الله جوادٌ يُحِبُّ الجود" الحديث، وله من حديث أنس رفعه:"أنا أجودُ وَلَدِ آدم، وأجودهم بعدي رجلٌ عَلِمَ عِلمًا فَنَشَر علمه، ورجلٌ جادَ بنفسه في الله" وفي سنده مقال، وفي "الصحيح" عن أنس كما يأتي: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أشجع الناس، وأجود الناس الحديث.
وقوله:"وكان أجود ما يكون في رمضان" وأجود بالرفع في أكثر الروايات، وخبرها محذوف سد الحال الذي هو في رمضان مسده، وتقديره: حاصل، على حد قولهم: أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة، أو هو مبتدأ مضاف إلى المصدر وهو:"ما يكون"، وخبره "في رمضان"، والتقدير: أجود أكوان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في رمضان، وعلى هذا تكون كان زائدة، ويرجح هذا الوجه وروده بدون كان عند المؤلف في الصوم، وفي رواية: أجود بالنصب على أنه خبر كان، واسمها ضمير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، والتقدير: كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مدة كونه في رمضان أجودَ منه في غيره. وذكر النَّوَوِيّ أنه سأل ابن مالك عن هذا اللفظ، فخرج فيه الرفع من ثلاثة أوجه، والنصب من وجهين، وذكر ابن الحاجب في أماليه للرفع خمسة أوجه، تَوَارَدَ مع ابن مالك في وجهين منها، ولم يُعَرِّج على النصب.