وقال ابن حبان في "الثقات": كان فيه خِصال لم تجتمع في واحد من أهل العلم في زمانه في الأرض كلها.
وقال يَحْيى بن يَحْيى الأنْدَلُسِيُّ: كنا في مجلس مالك، فاستُؤذن لابن المبارك، فَأُذِن، فرأينا مالكًا تزحزح له في مجلسه، ثم أقعده بِلِصْقِهِ ولم أره تزحزح لأحد في مجلسه غيره، فكان القارىء يقرأ على مالك، فربما مرَّ بشيءٍ فيسأله مالك: ما عندكم في هذا؟ فكان عبد اللهَ يُجيبُهُ بالخفاء، ثم قام، فخرج، فَأُعْجِبَ مالك بأدبه، ثم قال لنا: هذا ابن المبارك، فقيه خراسان.
وقال الحسن بن عيسى: اجتمع جماعة من أصحاب ابن المبارك مثل الفضل بن موسى، ومخْلَد بن حسين، وغيرهما، فقالوا: تعالَوْا حتى نَعُدَّ خِصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: جمع العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والشعر، والفصاحة، والزهد، والورع، والإِنصات، وقيام الليل، والعبادة، والحج، والغزو، والفُروسية، والشَّجاعة، والشدة في بدنه، وترك الكلام فيما لا يَعْنيه، وقلة الخلاف على أصحابه.
وقال العباس بن مُصْعَب: جمع الحديث، والفقه، والعربية، والشجاعة، والتجارة، والسخاء، والمحبة عند الفراق.
وقال ابن سَعْد: طلب، وروى روايةً كثيرةً، وصنف كتبًا كثيرة في أبواب العلم، وكان ثقة مأمونًا حجة كثير الحديث.
ورُوي عن أشْعَثَ بن شُعبة المِصِّيصي أنه قال: قدم هارون الرَّقَّةَ، فانجفل الناس خلف عبد الله بن المبارك، وانقطعت النِّعال، وارتفع الغُبار، فأشرفت أم ولد أمير المؤمنين من قصر الخشب، فلما رأت الناس قالت: ما هذا؟ قالوا: عالم خراسان قدم الرَّقّة، يقال له: عبد الله بن المُبارك، فقالت: هذا والله المُلْكُ لا مُلك هارون الذي لا يَجْمع الناس إِلا بشُرطٍ وأعوان.