للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلب المصلي بذلك، أو لصرف المال في غير وجهه. نعم، إذا وقع ذلك على سبيل التعظيم للمساجد، ولم يقع الصرف عليه من بيت المال، فلا بأس به، ولو أوصى بتشييد مسجد وتحميره وتصفيره نفذت وصيته, لأنه قد حدث للناس فتاوى بقدر ما أحدثوا، وقد أحدث الناس مؤمنهم وكافرهم تشييد بيوتهم وتزيينها, ولو بنينا مساجد باللبن وجعلناها منه بين الدور الشاهقة، وربما كانت لأهل الذمة، لكانت مستهانة. قاله ابن المنير.

وتُعُقب بأن المنع إذا كان للبحث على اتباع السلف في ترك التَّرَفّه، فهو كما قال، وإن كان لخشيته شغل بال المصلي بالزخرفة فلا، لبقاء العِلة. قاله كله القَسْطلانيّ. وعند المالكية يكره تزويق المسجد بالذهب وغيره، لا تحسين بنائه، وتجصيصه فلا يكره، بل يستحبان. وقال العينيّ: وبهذا استدل أصحابنا على أن نقش المسجد وتزيينه مكروه. وقول بعض أصحابنا: ولا بأس بنقش المسجد، معناه تركه أولى، ولا يجوز من مال الوقف، ويغرم الذي يخرجه سواء كان ناظرًا أو غيره، ووجه الكراهة إذا كان من ماله دون مال الوقف إما اشغال المصلي به، وإما إخراج المال في غير وجهه، وهذا التعليق وصله أبو داود وابن حبّان عن يزيد بن الاسم عن ابن عباس موقوفًا، وقبله حديث مرفوع، ولفظه "ما أُمرتُ بتشييد المساجد" ولم يذكر البخاري المرفوع منه للاختلاف على يزيد بن الاسم في وصله وإرساله، والتشييد رفع البناء وتطويله، وقد مرَّ ابن عباس في الخامس من بدء الوحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>