للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع ما إذا اشترط مثلًا في بيع الجارية أنْ لا يطأها، وفي الدار أن لا يسكنها، وفي العبد أن لا يستخدم، وفي الدابة أن لا يركبها، أما إذا اشترط شيئًا معلومًا لوقت معلوم، فلا بأس به.

وأما حديث النهي عن الثنيا ففي نفس الحديث "إلا أنْ يعلم" يعلم أنّ النهي إنما يقع عما كان مجهولًا، وأما حديث النهي عن بيع وشرط، ففي إسناده مقال، واعلم أنّ في حديث بَريرة هذا روايات لم يرد عليها إشكال، كرواية ابن عمر "أرادت عائشة أن تشتري جارية فتعنقها" وبهذا يتجه الإنكار على موالي بَريرة إذ وافقوا عائشة على بيعها، ثم أرادوا أن يشترطوا أن يكون الولاء لهم، ويؤيد هذه الرواية قوله في رواية أيمن "قالت لا تبيعوني حتى تشترطوا ولائي" وفي رواية الأسود الآتية في الفرائض عن عائشة "اشتريت بَريرة لأعتقها، فاشترط أهلها ولاءها". وفي رواية القاسم عن عائشة في الهبة أنها أرادت أن تشتري بَريرة، وأنهم اشترطوا ولاءها. وفي رواية هشام في العتق "خذيها واشترطي لهم الولاء" واستشكلت هذه الرواية بأنه كيف يصدر الإذن منه صلى الله تعالى عليه وسلم في البيع على شرط فاسدٍ؟ وكيف يأذن في البيع حتى يقع على هذا الشرط؟ ويقدم البائع عليه ثم يبطل اشتراطه؟

وأجيب عن ذلك بأجوبة، فمنها أن بعضهم أنكر الشرط في الحديث، فروى الخطابيّ في المعالم عن يحيى بن أكثم أنه أنكر ذلك. وعن الشافعي في الأم الإشارة إلى تضعيف رواية هشام، المصرِّحة بالاشتراط، لكونه انفرد بها دون أصحاب أبيه، ورواية غيره قابلة للتأويل، وأشار غيره إلى أنه روى بالمعنى الذي وقع له. وليس كما ظن. وأثبت آخرون الرواية, وقالوا: هشام ثقة حافظ، والحديث متفق على صحته، فلا وجه لرده.

ثم اختلفوا في توجيهها، فزعم الطحاويّ أن المزنيّ حدثه به عن الشافعيّ بلفظ "فأشرطي" بهمزة قطع بغير تاء مثناة، ثم وجهه بأن معناه، أظهري لهم حكم الولاء، والإشراط الإظهار. قال أوس بن حجر:

فأشرط فيها نفسَه وهو مُعْصمُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>