غير المكاتبة. وفيه أن للمكاتب أن يسأل من حين الكتابة، ولا يشترط في ذلك عجزه، خلافًا لمن شرطه. وفيه جواز السؤال لمن احتاج إليه من دَين أو غُرم ونحو ذلك. وفيه أنه لا بأس بتعجيل مال الكتابة. وفيه جواز المساومة في البيع، وتشديد صاحب السلعة فيها، وأن المرأة الرشيدة تتصرف لنفسها في البيع وغيره، ولو كانت متزوجة، خلافًا لمن أبى ذلك، وأن مَنْ لا يتصرف بنفسه له أن يقيم غيره مقامه في ذلك، وأن العبد إذا إذن سيده له في التجارة جاز تصرفه.
وفيه جواز رفع الصوت عند إنكار المنكر، وأنه لا بأس لمن أراد أن يشتري للعتق أن يظهر ذلك لأصحاب الرقبة، ليتساهلوا في الثمن، ولا يعد ذلك من الرياء، وفيه إنكار القول الذي لا يوافق الشرع، وانتهار الرسول فيه. وفيه أن الشيء إذا بيع بالنقد كانت الرغبة فيه أكثر مما لو بيع بالنَّسيئة. وأن للمرء أن يقضى عنه دينه برضاه، وفيه الشراء بالنسيئة، وأن المكاتب لو عجل بعض كتابته قبل الحل، على أن يضع عن سيده الباقي، لم يجبر السيد على ذلك. وجواز الكتابة على قدر قيمة العبد، وأقل منها وأكثر؛ لأن بين الثمن المنجز والمعجل فرقًا، ومع ذلك فقد بذلت عائشة المؤخل ناجزًا، فدل ذلك على أن قيمتها بالتأجيل أكثر مما كوتبت به، وكأنَّ أهلها باعوها بذلك.
وفيه جواز كتابة من لا حرفة له، وفاقًا للجمهور، واختلف عن مالك وأحمد، وذلك أن بَريرة جاءت تستعين على كتابتها, ولم تكن قضت منها شيئًا، فلو كان لها مال أو حرفة أما احتاجت إلى الاستعانة؛ لأن كتابتها لم تكن حالَّة. وعند الطبري عن عُروة أن عائشة ابتاعت بَريرة مكاتبةً، وهي لم تقض من كتابتها شيئًا. قلت: قد مرَّ ما يدل على أنها قضت البعض، ومرَّ تحرير الجمع بينهما. وفيه جواز أخذ الكتابة من مسألة الناس، والرد على من كره ذلك، وزعم أنه من أوساخ الناس، وفيه مشروعية معونة المكاتبة من الصدقة. وعند أمالكية رواية أنه لا يجزىء عن الفرض. قلت: هذا الأخذ لم أطَّلع على ما أخذ منه، إذ ليس في الحديث أن الذي أدته عائشة رضي الله تعالى عنها، كان من الصدقة، اللهم إلا أن يكون ذلك في رواية لم أطّلع عليها. ومشهور مذهب مالك عدم الإجزاء فيما كانت فيه شائبة حرية.