للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخير بالمال في الآية؛ لأنه لا يقال فلان لا مال فيه، وإنما يقال فلان لا مال له، أو لا مال عنده، فكذا إنما يقال: فيه وفاء، وفيه أمانة، وفيه حُسْن معاملة ونحو ذلك.

وفيه دلالة على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، ووجه الدلالة منه أن بريرة بيعت بعد أن كاتبت، ولو كان المكاتب يصير بنفس الكتابة حرًا لامتنع بيعها، وهذا هو قول الجمهور، مستدلين أيضًا بما رواه البخاريّ معلقًا، وابن أبي شيبة وابن سعد موصولًا، عن عائشة "المكاتب عبد ما بقي عليه شيء" ومما رواه البخاريّ معلقًا والشافعيّ وسعيد بن منصور موصولًا، عن زيد بن ثابت أنه قال "هو عبد ما بقي عليه درهم" وبما رواه البخاريّ أيضًا معلقًا، ومالك موصولًا، عن ابن عمر مرفوعًا "أنه قال: هو عبد إن عاش، وإن مات، وإن جنى، ما بقي عليه شيء" وقد روي ذلك مرفوعًا. أخرجه أبو داود والنسائيّ عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده. وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو. وروي عن علي "إذا أدّى الشطر فهو غريم" وعنه: يعتق منه بقدر ما أدى، وعن ابن مسعود: لو كاتبه على مئتين وقيمته مئة ثم أدّى المئة عتق. وعن عطاء إذا أدّى ثلاثة أرباع كتابته عتق.

وروى النَّسائيّ عن ابن عباس مرفوعًا "المكاتب يعتق منه بقدر ما أدّى". ورجال إسناده ثقات، لكن اختلف في إرساله ووصله، وروي عن ابن عباس: أنه يعتق بمجرد العقد، ويكون غريم المولى بما عليه من دَيْن الكتابة. وفيه جواز كتابة الأمة كالعبد، وجواز كتابة المتزوجة ولو لم يأذن الزوج، وأنه ليس له منعها من كتابتها, ولو كانت تؤدي إلى فراقها منه، كما أنه ليس للعبد المتزوج منع السيد في عتق أمته، وإن أدى ذلك إلى بطلان نكاحها، وششنبط من تمكينها من السعي في مال الكتابة أنه ليس عليها خدمته.

وفيه جواز سعي المكاتبة، وسؤالها واكتسابها، وتمكين السيد لها من ذلك، ولا يخفى أن محل الجواز إذا عرفت جهة حل كسبها، وفيه البيان بأن النهي الوارد من كسب الأمة محمول على من لا يعرف وجه كسبها، أو محمول على

<<  <  ج: ص:  >  >>