للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختلفوا: هل يدخلون مدخل الإنس؟ على أربعة أقوال:

أحدها: نعم، وهو قول الأكثر.

ثانيها: يكونون في رَبَض الجنة، وهو منقول عن مالك وطائفة.

ثالثها: أنهم أصحاب الأعراف.

رابعها: التوقف عن الجواب في هذا.

وروى ابن أبي حاتم عن أبي يوسف قال: قال ابن أبي ليلى: لهم ثواب، قال: فوجدنا مصداق ذلك في كتاب الله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} وإلى ذلك أشار البخاري في بدء الخلق عند ذكر الجن بقوله قبلها {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} فإن قوله {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} الآية التي بعد هذه الآية، واستدل بهذه الآية أيضًا ابن عبد الحكم، واستدل ابن وهب بمثل ذلك، بقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} فإن الآية بعدها أيضًا {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}.

وروى أبو الشيخ في تفسيره عن مُغيث بن سُمَيّ، أحد التابعين، قال: "ما من شيء إلا وهو يسمع زفير جهنم، إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب".ونُقل عن مالك أنه استدل على أن عليهم العقاب، ولهم الثواب، بقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} ثم قال {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} والخطاب للإنس والجن، فإذا ثبت أن فيهم مؤمنين، والمؤمن شأنه أن يخاف مقام ربه، ثبت المطلوب.

وقوله: قال روح: فرده خاسئًا، أي رد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم العفريتَ خاسئًا، أي مطرودًا، وفي رواية مسلم بلفظ "فرده الله خاسئًا" وظاهر المصنف أن هذه الزيادة في رواية روح دون رفيقه محمد بن جعفر، لكن أخرجه في أحاديث الأنبياء عن محمد بن جعفر وحده، وزاد في آخره "فرده خاسئًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>