المؤلف هذا الحديث مع إفصاحه بما ذكر، لا وجه له، وليست هذه بعلة قادحة.
وقوله: بين الدنيا وبين ما عنده، في رواية مالك الآتية في الهجرة إلى المدينة "بين أن يدنيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده". وقوله: فقلت في نفسي: ما يُبكي هذا الشيخ؟ وفي رواية المناقب: فعجبنا لبكائه، وفي رواية مالك، "فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول صلى الله تعالى عليه وسلم عن عبد، وهو يقول: فديناك" ويجمع بان أبا سعيد حدّث نفسه بذلك، فوافق تحديث غيره بذلك، فنقل جميع ذلك.
وفي حديث ابن عباس الآتي بعد هذا، كان في مرضه الذي مات فيه، ولمسلم عن جُنْدُب: سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقول. قبل أن يموت بخمس ليال. وفي حديث أبيّ بن كعب الآتي قريبًا "إن أحدث عهدي بنبيكم قبل وفاته بخمس ... " الخ وكأن أبا بكر رضي الله عنه، فهم الرمز الذي أشار به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من قرينة ذكره ذلك في مرض موته، فاستشعر منه أنه أراد نفسه، فلذلك بكى.
وقوله: إن يكن الله خير عبدًا، كذا للأكثر، وللكشميهنىّ: إن يكن لله عبد خير، وهمزة إنْ مكسورة على أنها شرطية، وجوّز ابن التين فتحها على أنها تعليلية، وفيه. نظر. وقوله: وكان أبو بكر أعلمنا، وفي رواية مالك. وكان أبو بكر هو أعلمنا به، أي بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أو بالمراد من الكلام المذكور، حيث فهم أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يفارق الدنيا، فبكى حزنًا على فراقه، وعبر بعبد بالتنكير، ليظهر نباهة أهل العرفان في تفسير هذا المبهم، فلم يفهم المقصود غير صاحبه الخصيص به، فبكى وقال: بل نفديك بأموالنا وأولادنا، فسكَّن الرسول جَزَعَه بقوله: يا أبا بكر، لا تبك.
وقوله: إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، وفي رواية مالك: إنّ مِن أمنّ الناس عليّ، بزيادة مِنْ وقال فيها "أبا بكر" بالنصب للأكثر، ولبعضهم "أبو بكر" بالرفع. وقد قيل: إن الرفع خطأ، والصواب النصب؛ لأنه اسم إنّ، ووجه الرفع بتقدير ضمير الشأن، أي إنَّ، والجار والمجرور بعده خبر