للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدم، وأبو بكر مبتدأ مؤخر، وعلى أن مجموع الكنية اسم، فلا يعرب ما وقع فيها من الأداة، أو أنَّ إنّ بمعنى نعم، أو أنّ مِنْ زائدة على رأي الكسائي.

وقال ابن برّي: يجوز الرفع إذا جعلت "مَنْ صفة لشيء محذوف، تقديره إنّ رجلًا أو إنسانًا من أمن الناس، فيكون اسم إن محذوفًا، والجار والمجرور في موضع الصفة، وأبو بكر الخبر. وقوله: أَمَنَّ، أفعل تفضيل من المَنّ، بمعنى العطاء والبذل، أي كثرهم جودًا لنا بنفسه وماله، وليس من المَنّ الذي هو الاعتداد بالصنيعة المفسد لها, ولأنه لا مِنَّةَ لأحد عليه، عليه الصلاة والسلام، بل المنة الله ولرسوله في قبول ذلك. وقال القرطبيّ: هو من الامتنان، يعني أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه، له من الحقوق ما لو كان لغيره لامتَنَّ بها، وذلك لأنه بادر بالتصديق ونفقة الأموال وبالملازمة والمصاحبة، إلى غير ذلك، بانشراح صدر، ورسوخ علم بأن الله ورسوله لهما المِنّة في ذلك، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام، بجميل أخلاقه، وكرم أعراقه، اعترف بذلك عملًا بشكر المنعم.

ورواية حديث الباب توافقها رواية ابن عباس الآتية بعده "ليس من الناس أحد أَمَنَّ على في نفسه وماله من أبي بكر" وأما الرواية التي فيها "من" فإن قلنا زائدة، فلا تخالف، وإلا فتحمل على أن المراد أن لغيره مشاركة ما في الأفضلية، إلا أنه مقدم في ذلك، بدليل ما تقدم من السياق وما تأخر، ويؤيده ما رواه الترمذيّ عن أبي هُريرة بلفظ "ما لأحد عندنا يدٌ إلا كافأناه عليها، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيمة" فإن ذلك يدل على ثبوت يد لغيره، إلا أنّ لأبي بكر رُجحانًا"، فالحاصل أنه حيث أطلق أراد أنه أرجحهم في ذلك، وحيث لم يطلق أراد الإشارة إلى من شاركه في شيء من ذلك. ووقع بيان ذلك في حديث آخر عن ابن عباس، رفعه، نحو حديث الترمذيّ، أخرجه الطبرانيّ" وزاد منه اعتق فيه بلالا ومنه هاجر بنبيه، وعنه في طريق أخرى ما أحد أعظم عندي يدًا من أبي بكر واساني بنفسه وماله، وأنكحني ابنته أخرجه الطبراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>